بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

قوله تعالى : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السماء والأرض } قال بعضهم : هذا على سبيل المثل ، والعرب إذا أرادت تعظيم ملك ، عظيم الشأن ، عظيم العطية تقول : كَسَفَ القَمَرُ لِفَقْدِهِ ، وبَكَت الرِّيحُ والسَّمَاءُ وَالأرض ، وقد ذكروا ذلك في أشعارهم ، فأخبر الله تعالى ، أن فرعون لم يكن ممن يجزع له جازع ، ولم يقم لفقده فقد ، وقال بعضهم : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السماء والأرض } يعني : أهل السماء ، وأهل الأرض . فأقام السماء والأرض مقام أهلها . كما قال : { واسأل القرية التي كُنَّا فِيهَا والعير التي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لصادقون } [ يوسف : 82 ] وقال بعضهم : يعني : بكت السماء بعينها ، وبكت الأرض . وقال ابن عباس : «لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَابٌ في السَّمَاءِ ، يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ ، وَيَنْزِلُ مِنهُ رِزْقُهُ ، فَإذا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ بَابُه فِي السَّمَاءِ ، وَبَكَتْ عَلَيْهِ آثَارُهُ فِي الأرض » وذكر عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه سئل : أتبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال " نعم ، إذا مات المؤمن ، بكت عليه معادنه من الأرض ، التي كان يذكر الله تعالى فيها ويصلي ، وبكى عليه بابه الذي كان يرفع فيه عمله " ، فأخبر الله تعالى : أن قوم فرعون ، لم تبك عليهم السماء والأرض { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } يعني : مؤجلين .