التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

قوله : { فما بكت عليهم السماء والأرض } لم تحزن بفراقهم سماء ولا أرض بسبب كفرهم وطغيانهم . فما تحزن الكائنات أو تبتئس إلا بفقد المؤمنين الصالحين الأبرار الذين كانوا يمرون في الأرض مصلحين داعين للهداية والخير . أما الظالمون الفجار ، والمفسدون الأشرار فأنى لشيء في الكائنات أن يحزن لفراقهم أو يوجد ملتاعا من غيابهم وعكس ذلك هو كائن . فلا تبكي الكائنات على العتاة المجرمين في الأرض الذين عتوا عن أمر الله وسلكوا سبيل الشيطان . وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء يوم القيامة " قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : " هم الذين إذا فسد الناس صلحوا " ثم قال : " ألا لا غربة على مؤمن ومن مات مؤمنا في غربة غائبا عنه بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فما بكت عليهم السماء والأرض } ثم قال : " ألا إنهما لا يبكيان على الكافر " .

قوله : { وما كانوا منظرين } أي ما كان قوم فرعون مؤخّرين بالغرق في البحر .