محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

[ 29 ] { فما بكت عليم السماء والأرض وما كانوا منظرين 29 } .

{ فما بكت عليهم السماء والأرض } قال الزمخشريّ : إذا مات رجل خطير ، قالت العرب في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض . وبكته الريح وأظلمت له الشمس . قال جرير :{[6527]}

* تبكي عليك نجوم الليل والقمرا *

/ وقالت الخارجية{[6528]} :

أيا شجر الخابور مالك مورقا*** كأنك لم تجزع على ابن طريف

وذلك على سبيل التمثيل والتخييل ، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه . وكذلك ما يروى عن ابن عباس رضي الله عنه من بكاء مصلّى المؤمن وآثاره في الأرض ، ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء : تمثيل . ونفي ذلك عنهم في قوله تعالى :{[6529]} { فما بكت عليهم السماء والأرض } فيه تهكم بهم وبحالهم ، المنافية لحال من يعظم فقده . فيقال فيه : بكت عليه السماء والأرض . وعن الحسن : فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون ، بل كانوا بهلاكهم مسرورين . يعني : فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض { وما كانوا منظرين } أي مؤخّرين بالعقوبة . بل عوجلوا بها ، زيادة سخط عليهم .


[6527]:قطعة من ثلاثة أبيات رثى بها عمر بن عبد العزيز. وصدر البيت. * فالشمس كاسفة ليست بطالعة * )الديوان ج 1 ص 304(.
[6528]:البيت لليلى بنت طريف الشيباني. ترثي أخاها الوليد، وكان يزيد بن مزيد قتله. والقصيدة مطلعها: بتلّ بُنَاتا رسمُ قبر كأنه *** على علم فوق الجبال مُنِيفُ )الأغاني ج 12 ص 93، طبعة الدار(.
[6529]:[44/ الدخان/ 29].