واختلف المتأوِّلُون في معنى قوله تعالى : { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السماء والأرض } ، فقال ابن عباس وغيره : وذلك أَنَّ الرجُلَ المؤمنَ إذا مَاتَ ، بكى عليه من الأرض موضِعُ عباداتِهِ أربعين صَبَاحاً ، وبكى عليه من السماءِ مَوْضِعُ صُعُودِ عمله ، قالوا : ولم يكن في قوم فرعونَ مَنْ هذه حَالُهُ ، فَتَبْكِي عليهمُ السماءُ والأَرْضُ ، قال ( ع ) : والمعنى الجَيِّدُ في الآية : أَنَّها استعارةٌ فصيحةٌ تَتَضمَّن تحقير أمرهم ، وأَنَّه لم يتغير لأجل هلاكهم شيء ، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : " لاَ يَنْتَطِحُ فِيهَا عَنْزَانِ " ، وفي الحديثِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : " مَا مَاتَ مُؤْمِنٌ في غُرْبَةٍ غَابَتْ عَنْهُ فِيهَا بَوَاكِيهِ ، إلاَّ بَكَتْ عَلَيْهِ السَّمَاءُ والأَرْضُ ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآية ، وَقَالَ : إنَّهُمَا لاَ يَبْكِيَانِ على كَافِرٍ " . قال الداووديُّ وعن مجاهد : ما مات مؤمنٌ إلاَّ بكَتْ عليه السماءُ والأرضُ ، وقال : أفي هذا عجبٌ ؟ ! وما للأرضِ لا تَبْكِي على عبدٍ كانَ يَعْمُرُها بالرُّكُوعِ والسجودِ ، وما للسماء لا تَبْكِي على عبدٍ كان لتسبيحِهِ وتكبيرِهِ فيها دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ ، انتهى .
وروى ابن المبارك في «رقائقه » قال : أخبرنا الأوْزاعيُّ قال : حدَّثني عطاءٌ الخُرَاسَانِيُّ ، قال : مَا مِنْ عَبْدٍ يسجد للَّهِ سَجْدَةً في بُقْعَةٍ من بِقَاعِ الأرضِ ، إلاَّ شَهِدَتْ له يَوْمَ القيامةِ ، وبَكَتْ عليه يَوْمَ يَمُوتُ ، انتهى . وروى ابن المبارك أَيْضاً عن أبي عُبَيْدٍ صاحبِ سليمانَ «أَنَّ العبد المؤمن إذا مات تنادَتْ بِقَاعُ الأرضِ : عَبْدُ اللَّهِ المُؤْمِنُ مَاتَ قَالَ : فَتَبْكِي عَلَيْهِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ، فيقولُ الرحمن تبارَكَ وتعالى : مَا يُبْكِيكُمَا على عَبْدِي ؟ فَيَقُولاَنِ : يَا رَبَّنَا ، لَمْ يَمْشِ على نَاحِيَةٍ مِنَّا قَطُّ إلاَّ وَهُوَ يَذْكُرُكَ » اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.