فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السماء والأرض } هذا بيان لعدم الاكتراث بهلاكهم . قال المفسرون : أي إنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملاً صالحاً تبكي عليهم به ، ولم يصعد لهم إلى السماء عمل طيب يبكي عليهم به ، والمعنى : أنه لم يصب بفقدهم وهلاكهم أحد من أهل السماء ، ولا من أهل الأرض ، وكانت العرب تقول عند موت السيد منهم : بكت له السماء ، والأرض ، أي : عمت مصيبته ، ومن ذلك قول جرير :

لما أتى خبر الزبير تواضعت *** سور المدينة والجبال الخشع

ومنه قول النابغة :

بكى حارث الجولان من فقد ربه *** وحوران منه خاشع متضائل

وقال الحسن : في الكلام مضاف محذوف ، أي ما بكى عليهم أهل السماء والأرض من الملائكة والناس . وقال مجاهد : إن السماء والأرض تبكيان على المؤمن أربعين صباحاً ، وقيل : إنه يبكي على المؤمن مواضع صلاته ، ومصاعد عمله { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } أي ممهلين إلى وقت آخر بل عوجلوا بالعقوبة لفرط كفرهم ، وشدّة عنادهم .

/خ37