تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

17

المفردات :

منظرين : ممهلين .

التفسير :

29- { فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } .

لم تحزن عليهم السماء ولا الأرض ، لظلمهم وعدوانهم وتجبرهم ، حيث كانوا نغمة نشازا في هذا الكون ، الذي يخضع لأمر الله ويطيع أمره ، أما الظالم المتحير فهو يسير عكس الاتجاه ، حيث قال سبحانه للسماء والأرض عندما أراد خلقهما : { ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين } . ( فصلت : 11 ) .

فالمؤمن الصالح متوافق مع هذا الكون ، تدعو له الملائكة ، ويسلم عليه الصالحون في كل تشهد للصلاة ، ومن دعاء التشهد : ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) .

وفي الحديث النبوي الشريف : ( أن العبد الصالح إذا مات بكاه من الأرض موضع سجوده ، ومن السماء مصعد عمله ) ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } .

من تفسير القاسمي

{ فما بكت عليهم السماء والأرض . . . }

قال الزمخشري : إذا مات رجل خطير ، قالت العرب في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض ، وبكته الريح ، وأظلمت له الشمس .

قال جرير في رثاء عمر بن عبد العزيز :

نعى النعاة أمير المؤمنين لنا *** يا خير من حج بيت الله واعتمروا

حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له *** وقمت فيه بأمر الله يا عمر

فالشمس كاسفة ليست بطالعة *** تبكي عليك نجوم الليل والقمر

وقالت ليلى بنت طريف الشيباني الخارجية ، ترثي أخاها الوليد بن طريف وقد مات قتيلا :

أيا شجر الخابور مالك مورقا *** كأنك لم تجزع على ابن طريف

وذلك على سبيل التمثيل والتخييل ، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه .

وعن الحسن : فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون ، بل كانوا بهلاكهم مسرورين ، يعني فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض .

{ وما كانوا منظرين } .

أي : مؤخرين بالعقوبة ، بل عوجلوا بها زيادة سخط عليهم8 .

وقال الإمام ابن كثير :

{ فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين } .

أي : لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد على أبواب السماء فتبكي على فقدهم ، ولا لهم بقاع في الأرض عبدوا الله فيها ففقدتهم ، فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا . اه .