الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَمَا بَكَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ} (29)

ثم قال تعالى : { فما بكت عليهم السماء والأرض } أي : ما بكى عليهم حين هلكوا بالغرق أهل السماء ، ولا أهل الأرض . ثم حذف .

وقيل : إن بكاء السماء حمرة أطرافها{[62141]} .

قال السدي : ( لما قتل الحسين بن علي{[62142]} عليه السلام بكت{[62143]} السماء عليه وبكاؤها حمرتها ){[62144]} . وقال عطاء{[62145]} : ( بكاؤها : حمرة أطرافها ){[62146]} .

وقيل : معنى ذلك{[62147]} أن المؤمن إذا مات بكت عليه{[62148]} السماء والأرض أربعين صباحا ، فأعلمنا الله عز وجل أنهم لم يكونوا مؤمنين فتبكي{[62149]} عليهم السماء والأرض{[62150]} .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بدأ{[62151]} الإسلام غريبا وسيعود غريبا ، ألا{[62152]} لا غربة على المؤمن [ ما ]{[62153]} مات مؤمن في غربة غابت{[62154]} عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه{[62155]} السماء والأرض . ثم قرأ{[62156]} : { فما بكت عليهم السماء والأرض } ثم قال : إنهما لا يبكيان على الكافر " {[62157]} .

وممن قال أن السماء والأرض تبكيان{[62158]} على المؤمن ولا تبكيان على الكافر ، علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ){[62159]} وابن عباس والحسن والضحاك وقتادة{[62160]} .

قال ابن عباس : ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء ( ينزل منه ){[62161]} رزقه وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء ففقده بكى{[62162]} عليه ، وإذا أفقده مصلاه من الأرض والموضع الذي كان يذكر الله عز وجل فيه بكى عليه . وإن قوم فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا في السماء فلم يبك{[62163]} عليهم شيء حين هلكوا هذا معنى قوله{[62164]} .

وقوله : { وما كانوا منظرين } معناه : لم يكونوا مؤخرين حين أتاهم العذاب وتم الأجل .


[62141]:قاله عطاء، وسيأتي.
[62142]:هو الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي، أبو عبد الله السبط الشهيد، ابن فاطمة الزهراء، ولد في المدينة، ونشأ في بيت النبوة قتله الأمويون في خلافة يزيد بكر بلاء سنة 61 هـ. انظر تاريخ الطبري 6/215 والمنتخب من كتاب ذيل المذيل 11/520، والإصابة 1/332 ت 1724.
[62143]:(ح): (فبكت).
[62144]:انظر جامع البيان 25/74، والمحرر الوجيز 14/293، وجامع القرطبي 16/141، وتفسير ابن كثير 4/144. ورد ابن كثير هذا القول لأن (الظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر – ولا شك أنه عظيم – ولكم لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه، وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي الله عنه) حيث أنه قتل علي وعثمان وعمر، بل إن موت الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدث هذا الأثر ولم يكن شيء مما ذكروه).
[62145]:ساقط من (ت).
[62146]:انظر جامع البيان 25/74، والمحرر الوجيز 14/293، وتفسير ابن كثير 4/143.
[62147]:(ت): (وذلك).
[62148]:ساقط من (ح).
[62149]:(ت): فتبكا.
[62150]:انظر جامع البيان 25/74. ونسب هذا القول في المحرر الوجيز 14/293، وتفسير ابن كثير 4/143 إلى علي وابن عباس ومجاهد وابن جبير.
[62151]:(ح): (إنه بدأ).
[62152]:ساقط من (ح).
[62153]:(ت): (من) و(ح): (المؤمن مات) والتصويب من جامع البيان 25/75، والدر المنثور 7/412.
[62154]:(ح): (غائب).
[62155]:(ح): (عليهم).
[62156]:في طرة (ت).
[62157]:أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا ج 1/130، والترمذي في كتاب الإيمان باب 13، ج 10/95 وقال: حسن صحيح غريب، وابن ماجه في كتاب الفتن 36 باب 15 ح 3988 وأحمد 1/398 كلهم عن ابن مسعود بمعناه. أخرجه الطبري في جامع البيان 25/75، وأضاف السيوطي نسبة تخريجه في الدر المنثور إلى ابن أبي الدنيا 7/412 كلاهما عن شريح بن عبيد الحضرمي بمعناه.
[62158]:في طرة (ح).
[62159]:ساقط من (ح).
[62160]:ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/413 عن علي فقط.
[62161]:(ح): (منه ينزل). و(منه) في طرة (ت).
[62162]:(ت): فبكى.
[62163]:(ت): يبكا.
[62164]:انظر جامع البيان 25/75، وجامع القرطبي 16/140 وتفسير ابن كثير 4/143.