بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{۞وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (12)

قوله تعالى :

{ وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بَنِي إسرائيل } يعني في التوراة من الإيمان بالله تعالى وبأنبيائه وأن يعملوا بما في التوراة ، ثم قال : { وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً } قال مقاتل : يعني شهداء على قومهم ، بعث الله تعالى من كل سِبْطٍ منهم رجلاً ليأخذ كل رجل منهم على سبطه الميثاق ، يكونوا شهداء على قومهم . وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد { وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً } قال : من كل سبط من بني إسرائيل رجلاً ، أرسلهم موسى عليه السلام إلى الجبارين ، فوجدوهم يدخل في كُمِّ أحدهم اثنان منهم ، ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة منهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبة منه خمسة أنفس أو أربعة ، فرجع النقباء كلهم ينهون سبطهم عن القتال إلا يوشع بن نون ، وكالب بن يافن ، ويقال كالوب بن يوقنا ، أمرا قومهما بالقتال . وقال القتبي : النقيب الكفيل على القوم ، والنقابة والنكابة شبه العرافة . ويقال : نقيباً يعني أميناً . وقال ابن عباس : نقيباً يعني ملكاً ، حين بعثهم موسى إلى بيت المقدس جعل موسى عليه السلام عليهم اثني عشر ملكاً ، على كل سبط منهم ملك { قَالَ الله } تعالى للنقباء : { إِنّي مَعَكُمْ } ويقال : { وقال الله } لبني إسرائيل حين أخذ عليهم الميثاق في التوراة : { إِنّي مَعَكُمْ } أي معينكم وحافظكم وناصركم { لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة } يعني : ما دمتم أقمتم الصَّلاة { وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي } يعني : صدقتم برسلي { وَعَزَّرْتُمُوهُمْ } يعني : أعنتموهم . وقال القتبي : أي عظمتموهم والتعزير التعظيم . وقال السدي : يعني نصرتموهم بالسيف . وقال الأخفش : يعني وقَّرْتموهم وقَوَّيتموهم . وقال الضحاك : شرفتموهم بالنبوة كما شرفهم الله تعالى . ويقال : { آمنتم برسلي } أي أمرتم قومكم ، حتى يؤمنوا برسلي ونصرتموهم { وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضاً حَسَناً } أي تأمرون قومكم بذلك .

ثم بيّن جزاءهم وثوابهم إن فعلوا ذلك فقال : { لأكَفّرَنَّ } أي لأمحونَّ { عَنْكُمْ سيئاتكم } يعني ذنوبكم { وَلأَدْخِلَنَّكُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } ثم قال : { فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك } العهد والميثاق { مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل } يعني أخطأ قصد الطريق .