فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (12)

{ بني إسرائيل } أبناء يعقوب .

{ نقيبا } شاهدا وضمينا ، وأمينا على قومه ، وكبيرا في جماعته .

{ أقمتم } أديتم بتمام . { آتيتم } أعطيتم ، { السبيل } الطريق .

{ عزرتموهم } نصرتموهم وآزرتموهم على الحق .

{ وأقرضتم الله } أنفقتم في سبيل رضاه . { لأكفرن } لأزيلن .

{ آمنتم }صدقتم .

{ سواء } وسط .

{ ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم } وتحققوا واستيقنوا أني أخذت على بني إسرائيل عهدا وموثقا بالوفاء بأماناتي ، وطاعتي والتصديق برسالاتي ، واختيار موسى كليمي من كل سبط من أسباط بني إسرائيل رجلا يكون حاكما فيهم ، وشاهدا عليهم وضمينا ، وكبيرا في جماعته وأمينا ؛ - وهذه الآية نزلت إعلاما من الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به ، أخلاق الذين هموا ببسط أيديهم إليهم من اليهود-( {[1698]} ) ؛ عن الحسن : . . الذي هموا به من الغدر ونقض العهد الذي بينهم وبينه من صفاتهم وصفات أوائلهم وأخلاقهم وأخلاق أسلافهم قديما . . ا ه .

{ وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيآتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار } ، ( ومعنى{ إني معكم } إني ناصركم ومعينكم ، والتقدير : وقال الله لهم ، فحذف الرابط للعلم به ، والخطاب للنقباء أو لكل بني إسرائيل ، والحاصل أني معكم بالعلم والقدرة فأسمع كلامكم ، وأرى أفعالكم ، وأعلم ضمائركم ، وأقدر على إيصال الجزاء إليكم ؛ فهذه مقدمة معتبرة جدا في الترغيب والترهيب ، ثم ذكر بعدها جملة شرطية ، مقدمها مركب من خمسة أمور ، والجزاء هو قوله : { لأكفرن } وهو إشارة إلى إزالة العقاب ؛ وقوله : { ولأدخلنكم } هو إشارة إلى إيصال الثواب ؛ واللام في { لئن أقمتم } موطئة للقسم ، وفي { لأكفرن } جواب له ، ولكنه سد مسد جواب الشرط ) ( {[1699]} ) ؛ { فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل } فكل من جاءته نعمة الهداية ومعرفة الحق ثم جحد وغوى وكذب وعصى ، فقد اعوج عن قصد الطريق المستقيم ؛ وهكذا شرع المولى الحكيم أداء الصلاة تامة قويمة ، وإعطاء الزكاة مستحقيها ، والتصديق برسالات الله ، ونصرتها ورد الكيد عنها ، فإن التعزير يعني النصرة ودفع الخصوم ؛ وإقراض الله تعالى يعني الإنفاق فيما يحب ويرضى ، ولعل من الحكمة في ذكره بعد الزكاة الإرشاد إلى بذل الصدقات المندوبة ؛ - وههنا أسئلة : لم أخر الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أن الإيمان مقدم على الأعمال ؟ وأجيب- بعد التسليم أن الواو للترتيب- بأن اليهود كانوا معترفين بأن النجاة مربوطة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل ، فذكر أنه لابد بعد الصلاة والزكاة من الإيمان بجميع الرسل ، وإلا لم يكن لتلك الأعمال أثر ؛ . . . آخر- لم قال : { فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل } ؟ فإن من كفر قبل ذلك أيضا فقد أخطأ الطريق المستقيم الذي شرعه الله لهم ؟ ؛ والجواب : أجل ، ولكن الضلال بعد الشرط المؤكد المعلق به الوعيد العظيم أشنع ، فلهذا خص بالذكر-( {[1700]} ) .


[1698]:من جامع البيان.
[1699]:ما بين العلامتين ( ) من تفسير غرائب القرآن.
[1700]:مما أورد النيسابوري. صاحب تفسير غرائب القرآن.