الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَيۡ عَشَرَ نَقِيبٗاۖ وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمۡۖ لَئِنۡ أَقَمۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَيۡتُمُ ٱلزَّكَوٰةَ وَءَامَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَلَأُدۡخِلَنَّكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ فَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ} (12)

قوله ( وَلَقَدَ اَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) الآية [ 13 ] .

أخبر الله تعالى في هذه الآية بما كان من أسلاف هؤلاء الذين أرادوا كيد رسول الله صلى الله عليه وسلم( {[15153]} ) .

( و( {[15154]} ) ) قوله : ( اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) : النقيب –في اللغة- كالأمين( {[15155]} ) والكفيل والعريف( {[15156]} ) .

قال قتادة : جعل( {[15157]} ) من كل سبط ( رجلاً شاهداً )( {[15158]} ) عليهم( {[15159]} ) .

والأسباط : نسل ( اثني عشر ولداً )( {[15160]} ) ليعقوب ، ( فنسل كل ولد ليعقوب )( {[15161]} ) سبط( {[15162]} ) ، ( فجعل من كل سبط )( {[15163]} ) رجل أمين عليهم( {[15164]} ) .

قال السدي : أمر الله موسى وبني إسرائيل بالسير( {[15165]} ) إلى بيت المقدس –وفيها جبارون- فلما ( قَرُبوا )( {[15166]} ) بعث موسى اثني( {[15167]} ) عشر نقيباً من جميع أسباط بني إسرائيل ليأتوه بخبر الجبارين ، فلقيهم رجل من الجبارين –يقال له عاج( {[15168]} )- فأخذ ( الإثني عشر )( {[15169]} ) فجعلهم في حُجْزَته ، وعلى رأسه حملة( {[15170]} ) حطب ، فانطلق بهم إلى امرأته ( وقال )( {[15171]} ) : انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يقاتلوننا( {[15172]} ) ، فطرحهم بين يديها وقال : ( ألا أطْحَنُهم )( {[15173]} ) برجلي( {[15174]} ) ، فقالت له امرأته : لا بلْ خلِّ عنهم حتى يُخبروا قومَهم بما قد رَأوا ، ففعل ذلك ، فقال بعضهم لبعض : يا قوم إنكم إن أخبَرْتُم بني إسرائيل خبر القوم ، ارتدوا عن نبي( {[15175]} ) الله ، ولكن اكتموه وأخبروه( {[15176]} ) [ نَبِييَ ]( {[15177]} ) الله فيكونان( {[15178]} ) هما يَرَيان رأيهما ، فأخذ بعضهم على بعض الميثاق بذلك( {[15179]} ) ثم رجعوا ، فنكث عشرة منهم العهد ، فجعل الرجل يخبر( {[15180]} ) أخاه وأباه بما رأى من عاج ، وكتم رجلان منهم ، فأتوا( {[15181]} ) موسى وهارون صلى الله عليهما وسلم فأخبروهما الخبر( {[15182]} ) .

وقال مجاهد : أرسل موسى النقباء –من كل سبط رجلاً- إلى الجبارين ، فوجدوهم يدخل في كمّ أحدهم اثنان منهم( {[15183]} ) ، ولا يَحمِل عنقود( {[15184]} ) عنبِهم( {[15185]} ) إلا خمسةُ أنفس( {[15186]} ) ، ويدخل في شطر( {[15187]} ) [ الرمانة ]( {[15188]} ) –إذا نُزع حَبُّها( {[15189]} )- خمسة أنفس ، فرجع النقباء ، كلهم( {[15190]} ) ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وآخر معه( {[15191]} ) فإنهما/أمرا( {[15192]} ) بقتالهم ، ، فعصوا( {[15193]} ) وأطاعوا أمر الآخرين( {[15194]} ) ، فعند ذلك قالوا : ( فَاذْهَبَ اَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا( {[15195]} ) هَاهُنَا قَاعِدُونَ )( {[15196]} ) .

قال ابن عباس : جاء النقباء بحبة( {[15197]} ) من فاكهتهم يحملها( {[15198]} ) رجل ، فقالوا : اقْدُروا( {[15199]} ) قوة( {[15200]} ) قوم هذه فاكهتُهم( {[15201]} ) .

( وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ ) أي : " ناصركم على عدوكم " ( {[15202]} ) ، قيل : هو للنقباء( {[15203]} ) . وقيل لجميعهم( {[15204]} ) .

( ومعنى( {[15205]} ) ) ( ( وَ( {[15206]} ) ) عَزَّرْتُمُوهُمْ )( {[15207]} ) أي : نصرتموهم( {[15208]} ) . وقيل معناه [ وفَّرْتُموهم ]( {[15209]} ) بالطاعة ( لهم( {[15210]} ) ) .

وأصل التعزير المنع( {[15211]} ) .

ومعنى ( وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ) أي : " أنفقتم في سبيل الله " ( {[15212]} ) .

وقوله : ( قَرْضاً )( {[15213]} ) خرج مصدراً على( {[15214]} ) " قرض " ( {[15215]} ) ، كما قال ( نَبَاتاً )( {[15216]} ) وقبله ( أَنْبَتَكُم )( {[15217]} ) .

وقوله تعالى ( لَئِنَ اَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ ) وما بعده : تفسير لأخذ الميثاق كيف هو وما هو .

وقوله : ( وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ ) إلى قوله ( مَعَكُمْ ) : اعتراض بين الميثاق وتفسيره ، غير داخل في الميثاق الذي نقضه بنو إسرائيل دون النقباء ، لأن الله تعالى قال للنقباء : ( إِنِّي مَعَكُمْ ) ، ومن كان الله معه لم ينقض ميثاقه( {[15218]} ) .


[15153]:- هو قول الحسن في تفسير الطبري 10/109.
[15154]:- ساقطة من ب.
[15155]:- ب ج د: الأمين.
[15156]:- انظر: مجاز أبي عبيدة 1/156، وغريب ابن قتيبة 141، وتفسير الطبري 10/110، ومعاني الزجاج 2/157، وأحكام ابن العربي 587، واللسان: نقب.
[15157]:- ب: وجعل.
[15158]:- ب ج د: رجل شاهد.
[15159]:- فالنقيب هنا بمعنى: الشاهد على القوم. انظر: تفسير الطبري 10/111، والدر 3/39.
[15160]:- ب: التي عشر ولد.
[15161]:- ساقطة من ب.
[15162]:- ب: سبطا.
[15163]:- ساقطة من د.
[15164]:- والنقيب هو الأمين: قول الربيع في تفسير الطبري 10/111 الذي ذكر أسماء النقباء "فيما يذكر أهل التوراة" في 10/114، وانظر: تفسير البحر 3/444، والتحرير 6/140 و141.
[15165]:- ب: فالسير.
[15166]:- ساقطة من ب.
[15167]:- ب ج د: اثنا.
[15168]:- في أحكام القرطبي 6/126: "عوج الأعنق"، وفي اللسان عوج: "عوج ابن عوق".
[15169]:- ج: الاثنا عشر. د: الاثنا عشر رجلاً.
[15170]:- ب: جملت. وفي هامشها: "حزمة"، كأن الناسخ يفسر، لأنه لم يضع في المتن علامة إلحاق، ولا في الهامش علامة تصحيح أو تضبيب.
[15171]:- ب: فقال.
[15172]:- ج: يقاتلونها.
[15173]:- ب: لأطجنهم، ج د: لأطحننهم.
[15174]:- ب: يرحلي.
[15175]:- مخرومة في أ.
[15176]:- ب ج د: أخبروا.
[15177]:- في جميع النسخ، نبي. وانظر: تفسير الطبري 10/112.
[15178]:- ب: صلى الله عليهما وسلم فيكوكان. وفي هامشها: "موسى وهارون"، من غير وضع علامة التصحيح أو التضبيب، كأن الناسخ يفسر.
[15179]:- في تفسير الطبري 10/112: "بذلك ليكتموه".
[15180]:- ب د: بخبر.
[15181]:- ب: فانوا.
[15182]:- انظر: تفسير الطبري 10/111 و112 و172.
[15183]:- في تفسير الطبري 10/112 و174: "منهم يلقونهم إلقاء".
[15184]:- ب: عنقوذه.
[15185]:- ج د: عنهم.
[15186]:- "وقالوا: "ثلاثة أنفس"، لأن النفس عندهم –إنسان. ألا ترى أنهم يقولون نفس واحد، فلا يُدخلون الهاء "كتاب سيبويه 3/562، "كما أن النفس في المذكر أكثر": المصدر السابق 3/563.
[15187]:- ب: قشر.
[15188]:- أ: الزمانه.
[15189]:- ب: خبها.
[15190]:- في تفسير الطبري 10/113: كل منهم.
[15191]:- ب ج د: معهم. وهو كلاب بن يافنة في تفسير الطبري 10/113.
[15192]:- مخرومة في أ ب: امرو.
[15193]:- مخرومة في أ. وفي تفسير الطبري 10/113: "فعصوا هذين".
[15194]:- ب: الأخوين. وانظر: تفسير الطبري 10/112 و113، والدر 3/39.
[15195]:- مخرومة في أ ج: إلا.
[15196]:- في المائدة: 26 (فاذهب...).
[15197]:- ب: بحته، ج: بجبة.
[15198]:- ج د: فحملها.
[15199]:- ب: انذروا، د: أقدروا.
[15200]:- ج: قوت.
[15201]:- انظر: تفسير الطبري 10/117، وفي المحرر 5/57: "قصص طويل ضعيف". قال في روح المعاني حكاية عن ابن كثير: "قصة عوج ما يحكون عنه هَذَيان لا أصْلَ له وهو من مختلفات أهل الكتاب 2/86.
[15202]:- تفسير الطبري 10/118.
[15203]:- هو قول الربيع بن أنس في تفسير الطبري 10/119، وانظر: المحرر 5/57 و58.
[15204]:- ب ج د: هو لجميعهم. وهو قول الطبري في تفسيره 10/119.
[15205]:- ساقطة من ج.
[15206]:- ساقطة من ب.
[15207]:- "يُقرَأ بالتشديد والتَّخفيف، والمعنى واحدق" إعراب العكبري 426.
[15208]:- هو قول مجاهد والسدي في تفسير الطبري 10/119 وما بعدها الذي اختاره، وقول الزجاج في معانيه 2/159، وذكره ابن قتيبة في غريبه 141.
[15209]:- كذا في "أ" اعتماداً على الحروف المتبقية من الخرم. ب ج د: وقربتموهم "والتعزير في كلام العرب: التوقير" اللسان عزر". وعزّرتموهم: نصرتموهم وأعنتموهم ووقّرتموهم وأيّدتموهم" مجاز أبي عبيدة 1/156.
[15210]:- ساقطة من ب ج د. وهو قول عبد الرحمن بن زيد في تفسير الطبري 10/120.
[15211]:- انظر: اللسان: عزر.
[15212]:- تفسير الطبري 10/121.
[15213]:- ب ج د: قرضاً حسناً.
[15214]:- ب: عن.
[15215]:- أي خرج مصدراً من معناه لا من لفظه، إذ لو كان من لفظه لقال: إِقْراضاً، "ويجوز أن يكون" القَرض" بمعنى "المُقْرض" فيكون مفعولاً به: إعراب العكبري 426.
[15216]:- ج د: نبانا. وهي في سورة نوح: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الاَرْضِ نَبَاتاً) الآية [17].
[15217]:- التي فيها "معنى: فَنَبتُّم" تفسير الطبري 10/122.
[15218]:- انظر: تفسير البحر 3/444.