السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِـۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ} (133)

{ أم كنتم شهداء } جمع شهيد بمعنى الحاضر أي : ما كنتم حاضرين وقول الأسيوطي : لم أقف على ذلك فيه ما مرّ { إذ حضر يعقوب الموت } أي : حين احتضر وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بتخفيف الهمزة الأولى وتسهيل الثانية بين الهمزة والباقون بتحقيقهما وقوله تعالى : { إذ } بدل من إذ قبله { قال لبنيه ما تعبدون من بعدي } أي : بعد موتي أي : أيّ شيء تعبدونه أراد به تقريرهم على التوحيد والإسلام وأخذ ميثاقهم على الثبات فليس الاستفهام على حقيقته قال عطاء : إنّ الله تعالى لم يقبض نبياً حتى يخيره بين الموت والحياة فلما خير يعقوب قال : أنظرني حتى أسأل ولدي وأوصيهم ففعل الله ذلك به فجمع ولده وولد ولده وقال لهم : قد حضر أجلي فما تعبدون من بعدي ؟ { قالوا نعبد إلهك وإله آبائك } وقوله تعالى : { إبراهيم وإسماعيل وإسحق } عطف بيان لآبائك وجعل إسمعيل وهو عمه من جملة آبائه تغليباً للأب إسحق والجدّ إبراهيم أو لأن العم أب والخالة أمّ لانخراطهما في سلك واحد وهو الأخوّة لا تفاوت بينهما ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : ( عم الرجل صنو أبيه ) أي : لا تفاوت بينهما كما لا تفاوت بين صنو النخلة وقال في العباس : ( هذا بقية آبائي ) وقال : ( ردوا عليّ أبي فإني أخشى أن تفعل بي قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود ) وقوله تعالى : { إلهاً واحداً } بدل من إله آبائك كقوله تعالى : { بالناصية 15 ناصية كاذبة } ( العلق ، 19 ) وقوله تعالى : { ونحن له مسلمون } حال من فاعل نعبد أو من مفعوله أو منهما وأم منقطعة ومعنى الهمزة فيه للإنكار أي : لم يحضروه وقت موته فكيف ينسبون إليه ما لا يليق به أو متصلة بمحذوف تقديره أكنتم غائبين أم كنتم شهداء . وقيل : الخطاب للمؤمنين بمعنى ما شهدتم ذلك وإنما حصل لكم العلم به من طريق الوحي .