فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (81)

{ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .

{ بلى } إثبات لما بعد حرف النفي مختص به خبرا واستفهاما أي بلى تمسكهم النار أبدا على الوجه الذي ذكرتم من كونه أياما معدودة { من كسب سيئة } المراد بها الجنس هنا ومثله قوله تعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها ، ومن يعمل سوءا يجز به } ثم أوضح سبحانه أن مجرد كسب السيئة لا يوجب الخلود في النار بل لا بد أن يكون سببه محيطا به فقال { وأحاطت به خطيئته } أي أحدقت به من جميع جوانبه فلا تبق له حسنة وسدت عليه مسالك النجاة ، قيل هي الشرك قاله ابن عباس ومجاهد ، وقيل هي الكبيرة ، وتفسيرها بالشرك أولى لما ثبت في السنة تواترا من خروج عصاة الموحدين من النار ، ويؤيد ذلك كونها نازلة في اليهود ، وإن كان الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وعليه إجماع المفسرين ، وبهذا يبطل تشبث المعتزلة والخوارج ، قال الحسن : كل ما وعد الله عليه النار فهو الخطيئة استدل به على أن المعلق على شرطين لا ينجز بأحدهما

{ فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } والخلود في النار هو للكفار والمشركين فيتعين تفسير السيئة والخطيئة في هذه الآية بالكفر

والشرك . {[104]} .

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ، وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون } .


[104]:روى مسلم في صحيحه /193 عن أنس ابن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة. ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة وفي رواية: أني لا أعرف آخر أهل النار خروجا من النار رجل يخرج منها زحفا فيقال له انطلق فادخل الجنة قال فيذهب فيدخل الجنة...