نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{بَلَىٰۚ مَن كَسَبَ سَيِّئَةٗ وَأَحَٰطَتۡ بِهِۦ خَطِيٓـَٔتُهُۥ فَأُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (81)

ولما انتفى الأمران علم أن الكائن غير ما ادعوه فصرح به في قوله : { بلى } أي لتمسنكم على خلاف ما زعمتموه ، فإنّ بلى كلمة تدل على تقرير{[3291]} يفهم من إضراب عن نفي كأنها بل وصلت بها الألف إثباتاً لما أضرب عن نفيه - قاله الحرالي .

{[3292]}ونعم جواب لكلام لا جحد فيه{[3293]} . ولما أضرب سبحانه عما قالوه من القضاء في الأعيان قاضياً عليهم بالخسران علل ذلك {[3294]}بوصف هم{[3295]} به متلبسون{[3296]} معلماً بأن من حق الجاهل بالغيب الحكم على الأوصاف التي ناط علام الغيوب بها الأحكام فقال : { من كسب سيئة } أي{[3297]} عملاً من حقه أن يسوء { وأحاطت به خطيئته } بحيث لم يكن شيء من أحواله خارجاً عن الخطيئة بل كانت غامرة{[3298]} لكل ما سواها من أعماله ، ولا يكون ذلك إلاّ للكفر الهادم لأساس الأعمال الذي لا يتأتى بقاء الأعمال بدونه . {[3299]}ولما كان إفراد الضمير أنصّ على جزاء كل فرد والحكم بالنكال على الكل أنكأ وأروع{[3300]} وأقبح وأفظع وأدل على القدرة أفرد{[3301]} ثم جمع فقال آتياً بالفاء دليلاً أن أعمالهم سبب دخولهم النار : { فأولئك } {[3302]}أي البعداء البغضاء{[3303]} { أصحاب النار هم }{[3304]} خاصة { فيها{[3305]} خالدون * }{[3306]} .


[3291]:من ظ، وفي الأصل: تقدير؛ وفي البحر المحيط: بلى حرف جواب يثبت به ما بعد النفي فلما قالوا "لن تمسنا النار" أجيبوا بقوله "بلى" ومعناه تمسكم النار والمعنى على التأبيد وبين ذلك بالخلود. وفي البيضاوي: "بلى إثبات لما نفوه من مساس النار لهم زمانا مديدا ودهرا طويلا على وجه أعم ليكون كالبرهان على بطلان قولهم، ويختص بجواب النفي.
[3292]:ليست في ظ.
[3293]:ليست في ظ.
[3294]:في ظ: بوصفهم .
[3295]:في ظ: بوصفهم .
[3296]:في م: ملتبسون.
[3297]:زيد في ظ: عمل.
[3298]:في ظ: عامرة – بالعين المهملة.
[3299]:العبارة من هنا إلى "دخولهم النار" ليست في ظ.
[3300]:في م فقط: اردع.
[3301]:في م: فرد.
[3302]:زيد في م: أي .
[3303]:ليست في ظ
[3304]:زيد في م: أي.
[3305]:زيد في مد: لا في غيرها لأنهم لا يخرجون منها.
[3306]:قال البيضاوي فيمن تحيط به خطيئته ما نصه: وتحقيق ذلك أن من أذنب ذنبا ولم يقلع عنه يجره إلى معاودة مثله والانهماك فيه وارتكاب بما هو أكبر منه حتى يستولي عليه الذنوب ويأخذ بمجامع قلبه، فيصير بطبعه مائلا إلى المعاصي مستحسنا إياها معتقدا أن لا لذة سواها مبغضا لمن يمنعه منها مكذبا لمن ينصحه فيها كما قال تعالى: "ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى إن كذبوا بآيات الله".