{ ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ( 131 ) وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ( 132 ) وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه أو لم تأتيهم بينة ما في الصحف الأولى ( 133 ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( 134 ) قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ( 135 ) } .
{ ولا تمدن } أي لا تطل نظر { عينيك } بطريق الرغبة والميل { إلى ما متعنا به } أي لذذنا ، فالإمتاع والتمتيع معناه الإيقاع في اللذة { أزواجا منهم } مدّ النظر تطويله وأن لا يكاد يرده استحسانا للمنظور إليه وإعجابا به ، وفيه أن النظر غير الممدود معفو عنه ، وذلك أن يبادر الشيء بالنظر ثم يغض الطرف ، ولقد شدد المتقون في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في ملابسهم ومراكبهم ، حتى قال الحسن : " لا تنظروا إلى دقدقة{[1198]}هماليج{[1199]}الفسقة ، ولكن انظروا كيف يلوح ذل المعصية من تلك الرقاب " وهذا لأنهم اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة ، فالناظر إليها محصل لغرضهم ومغر لهم على اتخاذها ، وقد تقدم تفسير هذه الآية في الحجر .
{ زهرة الحياة الدنيا } أي زينتها وبهجتها بالنبات وغيره ، وقرئ زهرة بفتح الهاء وهي نور النبات ، وذكر السمين في نصبه تسعة أوجه . وأخرج ابن حاتم عن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : ( إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا ، قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله ؟ قال : بركات الأرض ) .
{ لنفتنهم فيه } أي لنجعل ذلك فتنة لهم وضلالة ابتلاء منا لهم ، كقوله : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم } وقيل لنعذبهم في الآخرة ، وقيل لنشدد عليهم في التكليف ، وقيل أزيد لهم النعمة فيزيدوا بذلك كفرا وطغيانا { ورزق ربك } أي ثواب الله في الجنة وما ادخر لصالحي عباده في الآخرة { خير } مما رزقهم في الدنيا على كل حال ، وأيضا فإن ذلك لا ينقطع وهذا ينقطع وهو معنى { وأبقى } وقيل المراد بهذا الرزق ما يفتح الله على المؤمنين من الغنائم ونحوها ، والأول أولى لأن الخيرية المحققة والدوام الذي لا ينقطع إنما يتحققان في الرزق الأخروي لا الدنيوي وإن كان حلالا طيبا ، قال تعالى : { ما عندكم ينفد وما عند الله باق } .
عن أبي رافع قال : أضاف النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ضيفا ولم يكن عند النبي ما يصلحه ، فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال رجب ، فقال : لا إلى برهن ، فأتيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأخبرته ، فقال : ( أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ، ولئن أسلفني أو باعني لأديت إليه ، اذهب بدرعي الحديد ، فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية ، كأنه يعزيه عن الدنيا ) أخرجه البزار وأبو يعلى وابن أبي شيبة وغيرهم{[1200]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.