{ فجاءته إحداهما } في الكلام حذف يدل عليه السياق ، قال الزجاج : تقديره فذهبتا إلى أبيهما سريعتين ، وكانت عادتهما الإبطاء في السقي ، فحدثتاه بما كان من الرجل الذي سقى لهما ، فأمر الكبرى من بنتيه وهي صفورا ، وقيل : صفراء وقيل : أمر الصغرى ، وهي ليا وقيل : صفيراء أن تدعوه له فجاءته ، وذهب أكثر المفسرين إليه أنهما ابنتا شعيب ، وقيل : هما ابنتا أخي شعيب كان قد مات ، والأول أرجح وهو ظاهر القرآن .
{ تمشي } كائنة { على استحياء } حالتي المشي والمجيء لا عند المجيء فقط وهذا دليل كمال إيمانها ، وشرف عنصرها ، لأنها كانت تدعوه إلى ضيافتها ولم تعلم أيجيبها أم لا ؟ فأتته مستحيية . قال عمر بن الخطاب : جاءت مستترة بكم درعها على وجهها من الحياء ، والحياء والاستحياء بالمد الحشمة والانقباض والانزواء ، ويتعدى بنفسه وبالحرف ، يقال : استحييته واستحييت منه .
{ قالت إن أبي يدعوك } مستأنفة جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : ماذا قالت له لما جاءته فقيل قالت الخ { ليجزيك أجر ما سقيت لنا } أي جزاء سقيك لنا ، فأجابها منكرا في نفسه أخذ الأجرة ، وقيل أجاب لوجه الله ، أو للتبرك برؤية الشيخ ، لما سمع منهما أن أباهما شيخ كبير .
{ فلما جاءه } أي جاء موسى شعيبا ، وعن أبي حازم قال : لما دخل موسى على شعيب إذا هو بالعشاء فقال له شعيب كل قال موسى أعوذ بالله ؛ قال ولم ألست بجائع ؟ قال بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا عما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئا من عمل الآخرة بملء الأرض ذهبا ، قال : لا والله ولكنها عادتي . وعادة آبائي . نقري الضيف ونطعم الطعام ، فجلس موسى فأكل .
{ وقص عليه القصص } مصدر يسمى به المفعول أي المقصوص ، يعني أخبره بجميع ما اتفق له من عند قتله القبطي إلى عند وصوله إلى ماء مدين ، وعن مالك ابن أنس : أنه بلغه أن شعيبا هو الذي قص عليه القصص .
{ قال } شعيب : { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } أي فرعون وأصحابه لأن فرعون لا سلطان له على مدين ، وفيه دليل على جواز العمل بخبر الواحد ولو عبدا أو أنثى ، وعلى المشي مع الأجنبية مع ذلك الاحتياط والتورع وللرازي في هذا الموضع إشكالات باردة جدا لا تستحق أن تذكره في تفسير كلام الله عز وجل ، والجواب عليهما يظهر للمقصر فضلا عن الكامل ؛ وأسف ما جاء به أن موسى كيف أجاب الدعوة المعللة بالجزاء لما فعله من السقي ، ويجاب عنه بأنه اتبع سنة الله في إجابة دعوة نبي من أنبياء الله ، ولم تكن تلك الإجابة لأجل أخذ الأجر على هذا العمل ، ولهذا ورد أنه لما قدم إليه الطعام قال : إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بملأ الأرض ذهبا كما مر ، وفي الكشاف : أن طلب الأجرة لشدة الفاقة غير منكر ، ويشهد لصحته لو شئت لاتخذت عليه أجرا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.