{ وإذا غشيهم موج كالظلل } أي : كالجبال التي تظل من تحتها ، شبه الموج لكبره بما يظل الإنسان من جبل ، أو سحاب ، أو غيرهما ، وإنما شبه الموج وهو واحد ، بالظلل وهي جمع ، لأن الموج يأتي شيئا بعد شيء ويركب بعضه بعضا . وقيل : إن الموج في معنى الجمع ، لأنه مصدر ، وأصل الموج بعضه بعضا . وقيل : إن الموج في معنى الجمع ، لأنه مصدر ، وأصل الموج الحركة والازدحام ، ومنه يقال ماج البحر ، وماج الناس وقرئ كالظلال جمع ظل .
{ دعوا الله } وحده { مخلصين له الدين } أي : لا يعولون على غيره في خلاصهم لأنهم يعلمون أنه لا يضر ولا ينفع سواه ، ولكنه يغلب على طبائعهم العادات ، وتقليد الأموات ، فإذا وقعوا في مثل هذه الحالة اعترفوا بوحدانية الله تعالى ، وأخلصوا دينهم له طلبا للخلاص والسلامة مما وقعوا فيه ، لزوال ما ينازع الفطرة الإيمانية من الهوى والتقليد بما دهاهم من الشدائد .
{ فلما نجاهم إلى البر } صاروا قسمين { فمنهم مقتصد } أي : فقسم مقتصد ، أي : عدل موف في البر ، بما عاهد عليه الله في البحر ، من إخلاص الدين له ، باق على ذلك بعد أن نجاه الله من هول البحر ، وأخرجه إلى البر سالما . قال الحسن : معنى مقتصد مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة . وقال مجاهد : مقتصد في القول مضمر للكفر . وقال الرازي : المقتصد المتوسط بين السابق بالخيرات ، والظالم لنفسه ، هو الذي تساوت سيئاته وحسناته ، وقيل : متوسط بين الكفر والإيمان ، لأنه انزجر بعض الإنزجار ، ومنهم باق على كفره لأن بعضهم كان أشد قولا ، وأعلى افتراء من بعض ، والأولى وما ذكرناه .
قيل : نزلت في عكرمة بن أبي جهل ، وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر ، فجاءهم ريح عاصف ، فقال عكرمة : لئن نجانا الله من هذا لأرجعن إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولأضعن يده في يدي ، فسكنت الريح ، ورجع عكرمة إلى مكة ، وحسن إسلامه ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : فمنهم مقتصد ، ومنهم كافر لم يوف بما عاهد ، ويدل على هذا المحذوف قوله :
{ وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور } لأنه نقض العهد الفطري ، ورفض ما كان عليه في البحر ، وهذا في مقابلة صبار ، كما أن { كفور } في مقابلة { شكور } والختر : أسوأ الغدر وأقبحه . قال الجوهري : الختر : الغدر ، يقال : ختره فهو ختار ، أي : غدار ، قال الماوردي : وهذا قول الجمهور ، وقال ابن عطية : إنه الجاحد ، وجحد الآيات إنكارها ، والكفور عظيم الكفر بنعم الله سبحانه . قال ابن عباس : ختار : جحاد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.