الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنٗاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَيۡهِمۡ حَسَرَٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (8)

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة أنه سئل عن هذه الآية { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً } أهم عمالنا هؤلاء الذين يصنعون ؟ قال : ليس هم . إن هؤلاء ليس أحدهم يأتي شيئاً مما لا يحل له إلا قد عرف أن ذلك حرام عليه . إن أتى الزنا فهو حرام ، أو قتل النفس فهو حرام ، إنما أولئك أهل الملل . اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، وأظن الخوارج منهم ، لأن الخارجي يخرج بسيفه على جميع أهل البصرة ، وقد عرف أنه ليس ينال حاجته منهم ، وأنهم سوف يقتلونه ، ولولا أنه من دينه ما فعل ذلك .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله { أفمن زين له سوء عمله } قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } أي لا تحزن عليهم .

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً } قال : هذا المشرك { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } كقوله { لعلك باخع نفسك } [ الكهف : 6 ] .

وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية { أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً } حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اللهم أعِزَّ دينَكَ بعمر بن الخطاب ، أو بأبي جهل بن هشام ، فهدى الله عمر رضي الله عنه ، وأضل أبا جهل . ففيهما أنزلت » .