فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{أَفَمَن زُيِّنَ لَهُۥ سُوٓءُ عَمَلِهِۦ فَرَءَاهُ حَسَنٗاۖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُۖ فَلَا تَذۡهَبۡ نَفۡسُكَ عَلَيۡهِمۡ حَسَرَٰتٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (8)

{ أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون 8 }

ربما يكون الاستفهام هنا بمعنى النفي فكأن التقدير : ليس من زين له عمله القبيح فرآه حسنا مثل من سرته حسنته وساءته سيئته ، ورأى الحق حقا والباطل باطلا ! لا يستويان ! نقل عن الكسائي وغيره : { من } في موضع رفع بالابتداء ، وخبره محذوف ، والذي يدل عليه قوله تعالى : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } أي لا تهلك نفسك وتقتلها تحسرا على ضلالهم ، فكأن المعنى : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ذهبت نفسك عليهم حسرات ، ومما نقل عن النحاس : والمعنى أن الله عز وجل نهى نبيه عن شدة الاغتمام بهم والحزن عليهم ، وهم- كما قال الكلبي- : كفار قريش ، ويكون{ سوء عمله } الشرك .

مما أورد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره : يقول تعالى ذكره : أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر به وعبادة مادونه من الآلهة والأوثان{ فرآه حسنا } فحسب سيء ذلك حسنا ، وظن أن قبحه جميل ، لتزيين الشيطان ذلك له ، ذهبت نفسك عليهم حسرات . وحذف من الكلام ذهبت نفسك عليهم حسرات اكتفاء بدلالة قوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } منه ، قوله : { فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء } يقول : يحول من يشاء عن الإيمان به واتباعك وتصديقك فيضله عن الرشاد إلى الحق في ذلك ، { ويهدي من يشاء } يقول : ويوفق من يشاء للإيمان به واتباعك والقبول منك فتهديه إلى سبيل الرشاد . . . { إن الله عليم بما يصنعون } . . إن الله يا محمد ذو علم بما يصنع هؤلاء الذين زين لهم الشيطان سوء أعمالهم ، وهو محصيه عليهم ومجازيهم به جزاءهم . اه