الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّـَٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا} (31)

أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن في سورة النساء خمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها ، ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها يعرفونها ، قوله تعالى { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } الآية . وقوله ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة . . . ) ( النساء الآية 40 ) الآية . وقوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به . . . ) ( النساء الآية 48 ) الآية . وقوله ( ولو أنهم إّذ ظلموا أنفسهم جاؤوك . . . ) ( النساء الآية 64 ) الآية . وقوله ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه . . . ) ( النساء الآية 110 ) الآية .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن أنس بن مالك قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا عز وجل ، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال ، أن تجاوز لنا عما دون الكبائر فما لنا ولها . يقول الله { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما } .

وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : هان ما سألكم ربكم { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ألا إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ، ثم تلا هذه الآية { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم . . . } الآية " .

وأخرج النسائي وابن ماجه وابن جرير وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة وأبي سعيد " أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر ثم قال : والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ، ويصوم رمضان ، ويؤدي الزكاة ، ويجتنب الكبائر السبع ، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة ، حتى أنها لتصطفق ، ثم تلا { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . . . } الآية " .

وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : ما لكم والكبائر ، وقد وعدتم المغفرة فيما دون الكبائر .

وأخرج ابن جرير بسند حسن عن الحسن ، أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر فقالوا : نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها ، فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك ، فقدم وقدموا معه فلقي عمر فقال : يا أمير المؤمنين أن ناسا لقوني بمصر فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها ، فأحبوا أن يلقوك في ذلك فقال : اجمعهم لي . فجمعهم له ، فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك ، أقرأت القرآن كله ؟ قال : نعم . قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : لا . قال : فهل أحصيته في بصرك ؟ هل أحصيته في لفظك ؟ هل أحصيته في أثرك ؟ ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم قال : فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أن يقيم الناس على كتاب الله ، قد علم ربنا أنه ستكون لنا سيئات ، وتلا { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما } هل علم أهل المدينة فيما قدمتم ؟ قال : لا . قال : لو علموا لوعظت بكم .

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما وعد الله المغفرة لم اجتنب الكبائر ، وذكر لنا " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اجتنبوا الكبائر ، وسددوا وأبشروا " .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس قال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة ، وقد ذكرت الطرفة يعني النظرة .

وأخرج ابن جرير عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر ؟ فقال : كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل ما وعد الله عليه النار كبيرة .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب .

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار فهو من الكبائر .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الكبائر كل موجبة أوجب الله لأهلها النار ، وكل عمل يقام به الحد ، فهو من الكبائر .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس . أنه سئل عن الكبائر أسبع هي ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير . أن رجلا سأل ابن عباس كم الكبائر سبع هي ؟ قال إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع استغفار ، ولا صغيرة مع إصرار .

وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد قال : قال ابن عباس : كل ذنب أصر عليه العبد كبير ، وليس بكبير ما تاب منه العبد .

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجتنبوا السبع الموبقات . قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، والسحر ، وأكل الربا ، ومال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " .

وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الكبائر سبع : أولها الإشراك بالله ، ثم قتل النفس بغير حقها ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم إلى أن يكبر ، والفرار من الزحف ، ورمي المحصنات ، والانقلاب على الأعراب بعد الهجرة " .

وأخرج علي بن الجعد في الجعديات عن طيسلة قال : سألت ابن عمر عن الكبائر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هن تسع : الإشراك بالله ، وقذف المحصنة ، وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين ، والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا " .

وأخرج ابن راهويه والبخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد وابن المنذر والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن وابن المنذر بسند حسن من طريق طيسلة عن ابن عمر قال : " الكبائر تسع : الإشراك بالله ، وقتل النسمة ؛ يعني بغير حق ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والذي يستسحر ، والحاد في المسجد الحرام ، وإنكاء الوالدين من العقوق " .

وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه عن عمير الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أولياء الله المصلون ، ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبها الله على عباده ، ومن يؤدي زكاة ماله طيبة بها نفسه ، ومن يصوم رمضان يحتسب صومه ، ويجتنب الكبائر . فقال رجل من الصحابة : يا رسول الله وكم الكبائر ؟ قال : هن تسع : أعظمهن الإشراك بالله ، وقتل المؤمن بغير الحق ، والفرار يوم الزحف ، وقذف المحصنة ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، وعقوق الوالدين المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا " .

وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صلى الصلوات الخمس ، واجتنب الكبائر السبع ، نودي من أبواب الجنة ادخل بسلام . قيل أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهن ؟ قال : نعم ، عقوق الوالدين ، والإشراك بالله ، وقتل النفس ، وقذف المحصنات ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، وأكل الربا " .

وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عبد الله لا يشرك به شيئا ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، واجتنب الكبائر ، فله الجنة . فسأله رجل ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله ، وقتل نفس مسلمة ، والفرار يوم الزحف " .

وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال : " كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض والسنن والديات ، وبعث به مع عمرو بن حزم قال : وكان في الكتاب : إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الإشراك بالله ، وقتل النفس المؤمنة بغير حق ، والفرار يوم الزحف ، وعقوق الوالدين ، ورمي المحصنة ، وتعلم السحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم " .

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر فقال : الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وقال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ، قول الزور أو شهادة الزور " .

وأخرج الشيخان والترمذي وابن المنذر عن أبي بكرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله . قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور . ألا وشهادة الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو . أنه سئل عن الخمر فقال : سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هي أكبر الكبائر ، وأم الفواحش ، من شرب الخمر ترك الصلاة ، ووقع على أمه وخالته وعمته .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس . أنه كان يعد الخمر أكبر الكبائر .

وأخرج عبد بن حميد في كتاب الإيمان عن شعبة مولى ابن عباس قال : قلت لابن عباس : إن الحسن بن علي سئل عن الخمر أمن الكبائر هي ؟ فقال : لا . فقال ابن عباس : قد قالها النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا شرب سكر وزنى وترك الصلاة ، فهي من الكبائر " .

وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، أو قتل النفس - شك شعبة - واليمين الغموس " .

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عبد الله بن أنيس الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أكبر الكبائر الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، واليمين الغموس ، وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة " .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه . قالوا : وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه " .

وأخرج أو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ، ومن الكبائر السبتان بالسبة " .

وأخرج الترمذي والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من جمع بين الصلاتين من غير عذر ، فقد أتى بابا من أبواب الكبائر " .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر .

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة العدوي قال : قرئ علينا كتاب عمر ، من الكبائر جمع بين الصلاتين . يعني بغير عذر ، والفرار من الزحف ، والنميمة .

وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم ؟ ؟ بسند حسن عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما الكبائر ؟ فقال : الشرك بالله ، واليأس من روح الله ، والآمن من مكر الله " .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن أبي الدنيا في التوبة عن ابن مسعود قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله .

وأخرج ابن المنذر عن علي أنه سئل ما أكبر الكبائر ؟ فقال : الأمن لمكر الله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله .

وأخرج ابن جرير بسند حسن عن أبي أمامة . أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا الكبائر وهو متكئ فقالوا : الشرك بالله ، وأكل مال اليتيم ، وفرار يوم الزحف ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ، والغلول ، والسحر ، وأكل الربا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأين تجعلون ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ( آل عمران الآية 77 ) إلى آخر الآية ؟ " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا " الضرار في الوصية من الكبائر " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : الكبائر : الشرك بالله ، وقتل النفس ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ، والتعرب بعد الهجرة ، والسحر ، وعقوق الوالدين ، وأكل الربا ، وفراق الجماعة ، ونكث الصفقة .

وأخرج البزار وابن المنذر بسند ضعيف عن بريدة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أن أكبر الكبائر الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، ومنع فضل الماء ، ومنع الفحل " .

وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة قال : إن أكبر الكبائر الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، ومنع فضول الماء بعد الري ، ومنع طروق الفحل إلا بجعل .

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت : ما أخذ على النساء فمن الكبائر . يعني قوله ( أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين . . . ) ( الممتحنة الآية 12 ) الآية .

وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيتم الزاني ، والسارق ، وشارب الخمر ، ما تقولون فيهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : هن فواحش ، وفيهن عقوبة ، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله ، ثم قرأ ( ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ) ( النساء الآية 48 ) وعقوق الوالدين ، ثم قرأ ( أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) ( لقمان الآية 14 ) وكان متكئا فاحتفز فقال : ألا وقول الزور " .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول لصاحبه اتق الله ، فيقول : عليك نفسك من أنت تأمرني .

وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار عن أبيه أن أبا بكر وعمر وأناسا من الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكروا أعظم الكبائر فلم يكن عندهم فيها علم ينتهون إليه ، فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر ، فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك ، وتواثبوا إليه جميعا حتى أتوه في داره ، فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره أن يشرب الخمر ، أو يقتل نفسا ، أو يزني ، أو يأكل لحم خنزير ، أو يقتله إن أبى . فاختار شرب الخمر ، وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة ، ولا يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة ، وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية " .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : الكبائر الإشراك بالله ، لأن الله يقول ( لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) ( يوسف الآية 87 ) ، والأمن لمكر الله ، لأن الله يقول ( فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) ( الأعراف الآية 99 ) ، وعقوق الوالدين ، لأن الله جعل العاق جبارا عصيا ، وقتل النفس التي حرم الله ، لأن الله يقول ( فجزاؤه جهنم . . . ) ( النساء الآية 93 ) إلى آخر الآية ، وقذف المحصنات ، لأن الله يقول ( لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ) ( النور الآية 23 ) ، وأكل مال اليتيم ، لأن الله يقول ( إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ( النساء الآية 10 ) ، والفرار من الزحف ، لأن الله يقول ( ومن يولهم يومئذ دبره . . . ) إلى قوله ( وبئس المصير ) ( الأنفال الآية 16 ) ، وأكل الربا ، لأن الله يقول ( الذين يأكلون الربا لا يقومون . . . ) ( البقرة الآية 275 ) الآية ، والسحر ، لأن الله يقول ( ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) ( البقرة الآية 102 ) ، والزنا ، لأن الله يقول ( يلق آثاما ) ( الفرقان الآية 68 ) الآية ، واليمين الغموس الفاجرة ، لأن الله يقول ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم . . . ) ( آل عمران الآية 77 ) الآية ، والغلول ، لأن الله يقول ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) ( آل عمران الآية 161 ) ، ومنع الزكاة المفروضة ، لأن الله يقول ( فتكوى بها جباههم . . . ) ( التوبة الآية 35 ) الآية ، وشهادة الزور ، وكتمان الشهادة ، لأن الله يقول ( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ) ( البقرة الآية 283 ) ، وشرب الخمر لأن الله عدل بها الأوثان ، وترك الصلاة متعمدا ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك الصلاة متعمدا فقد برئ من ذمة الله ورسوله " ونقض العهد ، وقطيعة الرحم ، لأن الله يقول ( لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( الرعد الآية 25 ) .

وأخرد عبد بن حميد والبزار والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر قال : ما بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود . أنه سئل عن الكبائر ؟ فقال : افتتحوا سورة النساء فكل شيء نهى الله عنه حتى تأتوا ثلاثين آية فهو كبيرة ، ثم قرأ مصداق ذلك { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . . . } الآية .

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ من النساء حتى بلغ ثلاثين آية منها ، ثم قرأ { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } مما في أول السورة إلى حيث بلغ .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة ، سورة النساء إلى هذه الموضع { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } .

وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها ، وفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم بغير حقه ، وأكل الربا ، والبهتان ، ويقولون أعرابية بعد الهجرة . قيل لابن سيرين : فالسحر . . . قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيرة قال : كان يقال : شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الكبائر .

وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال : كان يقال : من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره .

وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس . أنه قرأ " تكفر " بالتاء ونصب الفاء .

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { نكفر عنكم سيئاتكم } قال : الصغار { وندخلكم مدخلا كريما } قال : الكريم : هو الحسن في الجنة .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه كان يقول : المدخل الكريم . هو الجنة .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ { مدخلا } بضم الميم .