الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (27)

أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان بسند صحيح ، عن أبي هانئ الخولاني ، قال : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي ، عن علي رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه الآية ، في أصحاب الصفة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا .

وأخرج ابن جرير ، عن قتادة في الآية قال : يقال خير الرزق ما لا يطغيك ، ولا يلهيك . قال : « ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وزخرفها " فقال له قائل : يا نبي الله ، هل يأتي الخير بالشر ؟ فأنزل الله عليه عند ذلك { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وكان إذا نزل عليه ، كُرْبُ لذلك وتَرَبَّدَ وجهه ، حتى إذا سري عنه . قال : " هل يأتي الخير بالشر ؟ يقولها ثلاثاً إن الخير لا يأتي إلا بالخير ، ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم ، فإما عبد أعطاه الله مالاً ، فوضعه في سبيل الله ، التي افترض وارتضى ، فذلك عبد أريد به خير ، وعزم له على الخير ، وأما عبد أعطاه الله مالاً ، فوضعه في شهواته ولذاته ، وعدل عن حق الله عليه ، فذلك عبد أريد به شر وعزم له على شر » .

وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى وابن حبان ، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل : يا رسول الله ، أو يأتي الخير بالشر ؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأينا أنه ينزل عليه ، فقيل له : ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك ؟ فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعل يمسح عنه الرحضاء ، فقال : " أين السائل فرأينا أنه حمده فقال : إن الخير لا يأتي بالشر ، وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطاً ، أو يلم إلا آكلة الخضر ، فإنها أكلت حتى امتلأت خاصرتاها ، فاستقبلت عين الشمس ، فثلطت وبالت ، ثم رتعت وان المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم هو ، إن وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ، ومثل الذي يأخذه بغير حقه ، كمثل الذي يأكل ولا يشبع ، ويكون عليه شهيداً يوم القيامة " .

وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } قال : كان يقال خير العيش ما لا يطغيك ولا يلهيك .

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخه ، عن أنس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، عن جبريل عن الله عز وجل قال : « يقول الله عز وجل : من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ، وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرود ، وما تقرب إلي عبدي المؤمن ، بمثل أداء ما افترضت عليه ، وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته ، كنت له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيداً ، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته ، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن ، يكره الموت وأكره مساءته ، ولا بد له منه ، وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة ، فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا الصحة ، ولو أسقمته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلا القسم ، ولو أصححته لأفسده ذلك ، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير » .

وأخرج ابن المنذر ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا } قال : المطر .