إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (27)

{ وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوا فِي الأرض } لتكبَّرُوا وأفسدُوا فيَها بَطَراً أو لعَلاَ بعضُهم على بعضٍ بالاستيلاءِ والاستعلاء ، كمَا عليهِ الجِبلَّةُ البشريةُ . وأصلُ البَغِي طلب تجاوز الاقتصادِ فيَما يُتحرَّى من حيثُ الكميَّةُ أو الكيفيَّةُ { ولكن يُنَزلُ بِقَدَرٍ } أي بتقديرٍ { مَا يَشَاء } أنْ ينزلَهُ مما تقتضيه مشيئتُه { إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ } محيطٌ بخفايا أمورهم وجلايَاها فيقدرُ لكلِّ واحدٍ منهُم في كلِّ وقتٍ من أوقاتِهم ما يليقُ بشأنِهم فيفقرُ ويُغِني ويمنعُ ويُعطِي ويَقْبِض ويبسُط حسبما تقتضيهِ الحكمةُ الربَّانيةُ . ولو أغناهُم جميعاً لبغَوا ولو أفقرهُم لهلكُوا . ورُويَ أنَّ أهلَ الصُّفَّةِ تمنَّوا الغِنَى فنزلتْ وقيل : نزلتْ في العرب كانُوا إذا أخصبوا تحاربُوا وإذا أجدبوا انتجعوا .