الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (27)

ثم قل تعالى : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } . هذه الآية ، روي أنها نزلت في قوم من أهل الصُّفَّة{[60917]} تمنوا سعة الدنيا والغناء ، فأنزل الله تعالى : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض }{[60918]} أي : لو وسع عليهم لجازوا الحد الذي حده الله عز وجل لهم .

{ ولكن ينزل بقدر ما يشاء } أي : يسهل لهم رزقا مقدرا يصلحهم وتصلح عليه أحوالهم .

{ إنه بعباده خبير بصير } أي : ذو خبر بهم ، وذو علم يعلم من يصلحه التضييق وتفسده السعة{[60919]} ( في الرزق ، ومن يفسده التضييق وتصلحه السعة ){[60920]} ، فيعطي{[60921]} كلا على قدر ما يصلحه .

قال قتادة : ( كان يقال : خير الرزق ما لا يُطغيك ولا يلهيك{[60922]} .

ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم{[60923]} انه كان يقول : " أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الحياة الدنيا{[60924]} وكثرتها " فقال{[60925]} له قائل : أيأتي{[60926]} الخير بالشر ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الخير لا يأتي إلا بالخير . . " في حديث طويل{[60927]} .


[60917]:أهل الصفة هم فقراء المهاجرين ومن لا مأوى له ولا أهل ممن كانوا يأوون إلى الصفة، وهو مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل، وكانوا يكثرون فيه ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر. انظر اللسان (مادة: صفف)، وتحفة الأحوذي 7/178.
[60918]:أخرجه الحاكم في مستدركه 2/445 وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وانظره أيضا في جامع البيان 25/19، والمحرر الوجيز 14/222، وجامع القرطبي 16/27، وأسباب النزول 251، ولباب النقول 193، والإتقان 1/17.
[60919]:في طرة (ت).
[60920]:ساقط من (ح).
[60921]:(ت): فيعطا.
[60922]:انظر جامع البيان 25/19، وتفسير ابن كثير 4/116.
[60923]:ساقط من (ت).
[60924]:في طرة (ح).
[60925]:(ح): قال.
[60926]:(ت): يأتي.
[60927]:أخرجه البخاري في الجهاد 56 باب 37 فضل النفقة في سبيل الله ح 2842، والزكاة 24 باب 47 الصدقة على اليتامى ج 1465 والرقاق 81 باب 7 ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها ح 6427، ومسلم في كتاب الزكاة باب 41 ج 2/727، والنسائي في الزكاة 23 باب 81 الصدقة على اليتيم ح 2581، وابن ماجه في الفتن 36 باب 18 فتنة المال ح 3995، وأحمد 3/7 و21. كلهم عن أبي سعيد الخدري بمعناه.