فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ} (27)

{ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض }

البغي : تجاوز الحد : إما في القدر والكمية ، وإما في الوصف والكيفية ؛ فلو أن الله الحكيم منح العباد جميعا رزقا واسعا لكثر التباغي ، وشاع التفاخر والتكاثر ؛ وهو ابتلاء يُفْتَنُ به طائفة ، ولقد بين القرآن حال بعضهم في آية كريمة : { إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة . . }{[4265]} . وفي آيتين مباركتين أخريين : { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين . فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون }{[4266]} وفي الحديث : ( أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها ) لكن المعصوم من عصمه الله .

{ ولكن ينزل بقدر ما يشاء } .

ولكنه يقسم بتقدير تقتضيه حكمته جل شأنه ، يجعل من يشاء غنيا ويجعل من يشاء فقيرا .

{ إنه بعباده خبير بصير( 27 ) } .

فإحاطته- تبارك اسمه- لا يعزب عنها شأن من شؤون العباد-جليها وخفيها-فيهب لكل من يناسب حاله حسبما تقتضيه الحكمة العلية ، ولو أغناهم جميعا لبغوا ، ولو أفقرهم جميعا لهلكوا .


[4265]:سورة القصص.الآية 76.
[4266]:سورة التوبة. الآيتان: 75، 76.