الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا} (88)

وقوله سبحانه : { قُل لَّئِنِ اجتمعت الإنس والجن على أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هذا القرآن } [ الإسراء : 88 ] .

سببُ هذه الآية أنَّ جماعة من قريش قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : لَوْ جِئْتَنَا بآيةٍ غَرِيبَةٍ غَيْرِ هذا القرآن ، فإِنا نَقْدِرُ نَحنُ عَلَى المَجِيءِ بمثله ، فنزلَتْ هذه الآية المصرِّحة بالتعجيز لجميع الخلائق .

قال ( ص ) : واللام في { لَّئِنِ اجتمعت } اللام الموطِّئة للقسم ، وهي الداخلة على الشرطِ ، كقوله : { لَئِنْ أُخْرِجُوا } [ الحشر : 12 ] و{ لَئِن قُوتِلُوا } [ الحشر : 12 ] والجوابُ بعدُ للقَسَمِ لتقدُّمه ، إِذا لم يسبق ذو خبره لا للشرطِ ، هذا مذهبُ البصريِّين ، خلافاً للفراء في إجازته الأَمرين ، إِلا أنَّ الأكثر أنْ يجيء جواب قَسَمٍ ، «والظهير » المعين .

قال ( ع ) : وفهمت العرب الفصحاء بُخُلوصِ فهمها في مَيْزِ الكلامِ وَدُرْبتها به ما لا نفهمه نَحْنُ ولا كُلُّ من خالطته حضارةٌ ، ففهموا العَجْزَ عنه ضرورةً ومشاهدةً ، وعلمه الناس بعدهم استدلالاً ونظراً ، ولكلٍّ حصل عِلْم قطعيٌّ ، لكن ليس في مرتبةٍ واحدةٍ .