غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا} (88)

73

ثم دل على أن الذي أوحى إليه ليس من جنس كلام المخلوقين فقال :{ قل لئن اجتمعت الإنس والجن } الآية . وقد مرّ وجه إعجاز القرآن في أوائل سورة البقرة . فإن قيل : هب أنه ظهر عجز الإنسان عن معارضته فكيف يعرف عجز الجن عن معارضته ، ولم لا يجوز أن يقال : إن الجن أعانوه على هذا التأليف سعياً في إضلال الخلق ؟ وإخبار محمد بأنه ليس من كلام الجن يوجب الدور وليس لأحد أن يقول : إن الجن ليسوا بفصحاء ، فكيف يعقل أن يكون القرآن كلامهم لأنا نقول : التحدي مع الجن إنما يحسن لو كانوا فصحاء ؟ فالجواب أن عجز البشر عن معارضته يكفي في إثبات كونه معجزاً . ثم إن الصادق لذي ثبت صدقه بظهور المعجز على وفق دعواه أخبر أن الجن أيضاً عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن فسقط السؤال بالكلية . على أنه سبحانه قد أجاب عنه في آخر سورة الشعراء بقوله : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين } [ الشعراء : 221 ] وسوف يجيء تفسيره إن شاء الله تعالى . قالت المعتزلة : التحدي بالقديم محال . وأجيب بمثل ما مر أن محل النزاع هو الكلام النفس لا الألفاظ التي يقع التحدي بها وبفصاحتها .

/خ89