الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا} (88)

قوله : { [ قل {[41831]} ] لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا {[41832]} } [ 88 ] إلى قوله : { ظهيرا } [ 88 ] .

المعنى : قل يا محمد للذين ادعوا بأنهم {[41833]} يأتون بمثل هذا القرآن { [ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ] {[41834]} لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } أي : عوينا {[41835]} .

وهذه الآية : نزلت في قوم من اليهود {[41836]} جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن وسألوه آية غير القرآن تدل على نبوته وادعوا أنهم يقدرون على مثل هذا القرآن فأعجزهم الإتيان بمثله فقيل لهم : { فاتوا {[41837]} بعشر سور مثله مفتريات {[41838]} } فأعجزهم ذلك . فقيل لهم : { فاتوا {[41839]}سور مثله {[41840]} } فأعجزهم {[41841]} ذلك وقد كان عصرهم عصر فصاحة وبلاغة .

فمن إعجاز القرآن تأليفه بالأمر والنهي والوعظ والتنبيه والخبر والتوبيخ وذلك لا يوجد متألفا في كلام . ومن إعجازه الحذف والإيجاز {[41842]} ودلالة اليسير من اللفظ على المعاني/الكثيرة . وهذا موجود بعضه في كلام العرب [ لكن {[41843]} ] لا يوجد {[41844]} مثل قوله : { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } {[41845]} فقد تضمن هذا معاني ، ولا يوجد مثله في كلام العرب بهذه الفصاحة ومثله كثير في القرآن {[41846]} .

ومعنى الإيجاز هو إظهار المعاني {[41847]} الكثيرة باللفظ القليل ومن إعجازه ما فيه من علوم الغيب {[41848]} التي لم تكن وقت نزوله ثم كانت ومنها ما لم تكن بعد . ومنها ما كانت ولم يكن أحد يعرفها في ذلك الوقت ، فنزل علمها وتفسيرها في القرآن كخبر يوسف وإخوته . وخبر ذي القرنين ، وأهل الكهف ، وإخبار الأمم الماضية والقرون الخالية ، التي اندرس خبرها وعدم عارف أخبارها ، وغير ذلك . . . فنزل القرآن بتبيانها ونصها على ما كانت عليه . ودل على صحة ما أتى {[41849]} فيه من الأخبار أن كثيرا منها قد نزل {[41850]} في التوراة [ كذلك {[41851]} ] . فالتوراة مصدقة لما في القرآن والقرآن مصدق لما نزل في التوراة {[41852]} . وإعجازه أكثر من أن يحصى وله كتب مفردة لذلك {[41853]} .


[41831]:ساقط من ق.
[41832]:ساقط من ط.
[41833]:ساقط من ط.
[41834]:ساقط من ط.
[41835]:وهو تفسير ابن جرير. انظر: جامع البيان 15/158.
[41836]:انظر: المصدر السابق.
[41837]:ق: "فإيتوا".
[41838]:هود: 13.
[41839]:ق: "فإيتوا".
[41840]:يونس: 38.
[41841]:ساقط من ق.
[41842]:ساقط من ط.
[41843]:ساقط من ق.
[41844]:ق: "لا يجود".
[41845]:الأنفال: 58.
[41846]:تحديد مفهوم الإعجاز هو للنحاس، انظر: إعراب النحاس 2/439.
[41847]:ط: "المعنى".
[41848]:ط: "الغيوب".
[41849]:ق: "ما كانت عليه ودل على صحة ما أتى..." وهو تكرار بسبب انتقال النظر.
[41850]:ق: فأنزل.
[41851]:ساقط من ط.
[41852]:ط: تقديم وتأخير: "فالقرآن مصدق لما نزل في التوراة، كذلك ما في التوراة مصدق لما في القرآن".
[41853]:وهذه الصور من إعجاز القرآن ذكرها النحاس، انظر: إعراب النحاس 2/440.