فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ} (90)

{ فاستجبنا لَهُ } دعاءه { وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى } . وقد تقدّم مستوفى في سورة مريم { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } . قال أكثر المفسرين : إنها كانت عاقراً فجعلها الله ولوداً . فهذا هو المراد بإصلاح زوجه . وقيل : كانت سيئة الخلق فجعلها الله سبحانه حسنة الخلق ، ولا مانع من إرادة الأمرين جميعاً ، وذلك بأن يصلح الله سبحانه ذاتها ، فتكون ولوداً بعد أن كانت عاقراً ، ويصلح أخلاقها فتكون أخلاقها مرضية بعد أن كانت غير مرضية ، وجملة : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخيرات } للتعليل لما قبلها من إحسانه سبحانه إلى أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، فالضمير المذكور راجع إليهم ، وقيل : هو راجع إلى زكريا وامرأته ويحيى . ثم وصفهم الله سبحانه بأنهم كانوا يدعونه { رَغَباً وَرَهَباً } أي يتضرّعون إليه في حال الرّخاء وحال الشدّة ، وقيل الرغبة : رفع بطون الأكف إلى السماء ، والرهب : رفع ظهورها ، وانتصاب رغباً ورهباً على المصدرية أي : يرغبون رغباً ويرهبون رهباً ، أو على العلة أي للرّغب والرّهب ، أو على الحال ، أي راغبين وراهبين . وقرأ طلحة بن مصرِّف «ويدعونا » بنون واحدة ، وقرأ الأعمش بضم الراء فيهما وإسكان ما بعده ، وقرأ ابن وثاب بفتح الراء فيهما مع إسكان ما بعده ، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو ، وقرأ الباقون بفتح الراء وفتح ما بعده فيهما { وَكَانُوا لَنَا خاشعين } أي : متواضعين متضرّعين .

/خ97