تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ} (90)

الآية 90 : وقوله تعالى : { فاستجبنا له } أي دعاءه { ووهبنا له يحيى } قال الحسن : إنه كان يحيى على ما سماه الله في الطاعة والعبادة ، وفي الآخرة يحيى في الكرامات والثواب الجزيل . وقد ذكرنا هذا في ما تقدم .

وقوله تعالى : { وأصلحنا له زوجه } يخرج على وجهين :

أحدهما : أن جعلناها بحيث يرغب فيها زوجها ذات هيئة ومنظر لأنه ذكر في القصة أنها بلغت في السن مئة غير شيء . والعرف في النساء /343-أ/ أنهن إذا بلغن المبلغ الذي ذكر أنها بلغت زوجة زكريا يكن من القواعد اللاتي لا يرغب فيها أحد . فأخبر أنه أصلحها ، وصيرها بحيث يرغب فيها ذات هيئة ومنظر .

والثاني : { وأصلحنا له زوجه } أي [ جعلناها ] {[12788]} ولودا ، بحيث تلد ، لأنه لما بشر بيحيى { قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا } [ مريم : 8 ] والعاقر هي التي لا تلد . فيكون قوله : { وأصلحنا له زوجه } [ أي جعلناها ] {[12789]} ولودا بحيث تلد ، والله أعلم .

هذان الوجهان محتملان . وأما قول من يقول : كان في لسانها بذاء ، وفي خلقها سوء . فذلك لا يحل أن يقال إلا [ أن ] {[12790]} يثبت . وهو على خلاف ما ذكرهم ، ووصفهم حين{[12791]} قال : { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات } .

ثم المسارعة في الخيرات أنه كان لا يمنعهم شيء عن [ الفعل ] {[12792]} الخيرات . وهكذا المؤمن ، هو يرغب في الخيرات كلها إلا أن يمنعه شيء من شهوة أو سهو .

وقوله تعالى : { ويدعوننا رغبا ورهبا } [ في وجهين :

أحدهما : ] {[12793]} أي يدعوننا رغبا في ما عندنا من جزيل الثواب ورهبا من أليم عقابنا .

والثاني : رغبا في ما عندنا من اللطائف من التوفيق على الخيرات والعصمة ورهبا مما عندنا من النقمات والخذلان والزيغ .

وقوله تعالى : { وكانوا لنا خاشعين } قال بعضهم : الخشوع هو الخوف الدائم الملازم للقلب ، لا يفارقه . وقال بعضهم : متواضعين ذليلين لأمر الله ؛ تفسير الخشوع ما ذكر بقوله : { ويدعوننا رغبا ورهبا } .


[12788]:ساقطة من الأصل و م.
[12789]:ساقطة من الأصل و م.
[12790]:ساقطة من الأصل و م.
[12791]:في الأصل و م: حيث.
[12792]:ساقطة من الأصل و م.
[12793]:ساقطة من الأصل و م.