إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ} (90)

{ فاستجبنا لَهُ } أي دعاءَه { وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى } وقد مر بيانُ كيفية الاستجابة والهبة في سورة مريم { وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ } أي أصلحناها للولادة بعد عُقْرها أو أصلحناها للمعاشرة بتحسين خلقِها وكانت حَرِدةً ، وقوله تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ في الخيرات } تعليل لما فصل من فنون إحسانِه تعالى المتعلقة بالأنبياء المذكورين ، أي كانوا يبادرون في وجوه الخيراتِ مع ثباتهم واستقرارهم في أصل الخير وهو السرُّ في إيثار كلمة ( في ) على كلمة إلى المُشعرة بخلاف المقصودِ من كونهم خارجين عن أصل الخيراتِ متوجهين إليها كما في قوله تعالى : { وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ } { وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً } ذوي رغَبٍ ورهَب أو راغبين في الثواب راجين للإجابة أو في الطاعة وخائفين العقاب أو المعصية أو للرغب والرهب { وَكَانُواْ لَنَا خاشعين } أي مُخْبتين متضرعين أو دائمي الوجَل ، والمعنى أنهم نالوا من الله تعالى ما نالوا بسبب اتصافِهم بهذه الخصال الحميدة .