السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَٱسۡتَجَبۡنَا لَهُۥ وَوَهَبۡنَا لَهُۥ يَحۡيَىٰ وَأَصۡلَحۡنَا لَهُۥ زَوۡجَهُۥٓۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ وَكَانُواْ لَنَا خَٰشِعِينَ} (90)

{ فاستجبنا له } بعظمتنا وإن كان في حدّ من السن لا حراك به معه ، وزوجه في حال من العقم لا يرجى معه حبلها فكيف وقد جاوزت سن اليأس ، ولذلك عبر بما يدل على العظمة ، فقال تعالى : { ووهبنا له يحيى } ولداً وارثاً نبياً حكيماً عظيماً { وأصلحنا له } خاصة من بين أهل ذلك الزمان { زوجه } أي : جعلناها صالحة لكل خير خالصة له ، فأصلحناها للولادة بعد عقمها ، وأصلحناها لزكريا بعد أن كانت سريعة الغضب سيئة الخلق ، فأصلحناها له ورزقناها حسن الخلق { إنهم } أي : الأنبياء الذين سماهم في هذه السورة وقيل : زكريا وزوجه ويحيى { كانوا } أي : جبلة وطبعاً { يسارعون في الخيرات } أي : الطاعات يبالغون في الإسراع بها مبالغة من يسابق آخر ، ودل على عظيم أفعالهم بقوله تعالى : { ويدعوننا } مستحضرين لجلالنا وعظمتنا وكمالنا { رغباً } أي : طمعاً في رحمتنا { ورهباً } أي : خوفاً من عذابنا { وكانوا } أي : جبلة وطبعاً { لنا } خاصة { خاشعين } أي : خائفين خوفاً عظيماً يحملهم على الخضوع والانكسار ، قال مجاهد : الخشوع هو الخوف اللازم للقلب ، وقيل : متواضعين ، وسئل الأعمش عن هذه الآية فقال : أما إني سألت إبراهيم فقال : ألا تدري ؟ قلت : أفدني ، قال : بينه وبين الله إذا أرخى ستره عليه وأغلق بابه فلير الله منه خيراً لعلك ترى أنه يأكل خشناً ويلبس خشناً ويطأطئ رأسه .