لما ذكر سبحانه حكم من يأخذ المال جهاراً وهو المحارب ، عقبه بذكر من يأخذ المال خفية ، وهو السارق ، وذكر السارقة مع السارق لزيادة البيان لأن غالب القرآن الاقتصار على الرجال في تشريع الأحكام . وقد اختلف أئمة النحو في خبر السارق والسارقة ، هل هو مقدر أم هو فاقطعوا ؟ فذهب إلى الأول سيبويه ، وقال تقديره : فيما فرض عليكم أو فيما يتلى عليكم ، السارق والسارقة : أي حكمهما . وذهب المبرد والزجاج إلى الثاني ، ودخول الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، إذ المعنى : الذي سرق والتي سرقت ، وقرئ : «والسارق والسارقة » بالنصب على تقدير اقطعوا ، ورجح هذه القراءة سيبويه ، قال : الوجه في كلام العرب النصب ، كما تقول زيداً اضربه ، ولكن العامة أبت إلا الرفع ، يعنى عامة القراء ، والسرقة بكسر الراء اسم الشيء المسروق ، والمصدر من سرق يسرق سرقاً قاله الجوهري وهو أخذ الشيء في خفية من الأعين ، ومنه استرق السمع ، وسارقه النظر .
قوله : { فاقطعوا } القطع معناه الإبانة والإزالة ، وجمع الأيدي لكراهة الجمع بين تثنيتين ، وقد بينت السنة المطهرة أن موضع القطع الرسغ . وقال قوم : يقطع من المرفق . وقال الخوارج : من المنكب . والسرقة لابد أن تكون ربع دينار فصاعداً ، ولا بد أن تكون من حرز ، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة . وقد ذهب إلى اعتبار الربع الدينار الجمهور . وذهب قوم إلى التقدير بعشرة دراهم . وذهب الجمهور إلى اعتبار الحرز . وقال الحسن البصري إذا جمع الثياب في البيت قطع . وقد أطال الكلام في بحث السرقة أئمة الفقه ، وشرّاح الحديث ، بما لا يأتي التطويل به هاهنا بكثير فائدة .
قوله : { جَزَاء بِمَا كَسَبَا } مفعول له : أي فاقطعوا للجزاء ، أو مصدر مؤكد لفعل محذوف : أي فجازوهما جزاء ، والباء سببية ، وما مصدرية أي بسبب كسبهما ، أو موصولة أي جزاء بالذي كسباه من السرقة . وقوله : { نكالا } بدل من جزاء ؛ وقيل هو علة للجزاء : والجزاء علة للقطع ، يقال نكلت به : إذا فعلت به ما يجب أن ينكل به عن ذلك الفعل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.