تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ} (45)

44

المفردات :

يعرضون عليها : على النار .

خاشعين من الذل : خاضعين متضائلين بسبب الذل .

ينظرون من طرف خفي : ينظرون إلى النار مسارقة خوفا منها ، كما ينظر المحكوم عليه لآلة التنفيذ .

الذين خسروا أنفسهم : بالتعرض للعذاب الخالد .

وأهليهم : وخسروا أهليهم بالتفريق بينهم .

مقيم : سرمدي دائم .

التفسير :

45- { وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم } .

وترى هؤلاء الظالمين يعرضون على النار أذلاء مقهورين متضائلين ، خاشعين خاضعين بسبب الذل والمهانة ، لا بسبب التواضع والكرامة ، ينظرون إلى النار بعين غضيضة مقفلة إلا قليلا ، بسبب الحذر والرهبة ، كما ينظر من حكم عليه بالإعدام إلى آلة التنفيذ ، لقد انهار كل أمل ، وظهر الظالمون المتكبرون في الدنيا أذلاء متضعضعين ، لا تقوى عيونهم على استكمال فتحتها ، بل ينظرون بطرف غضيض ، والعرب تعبر بالطرف الغضيض كناية عن الذل والمهانة .

قال الشاعر :

فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا

لقد انحط أمر الظالمين ، وارتفع شأن المؤمنين ، وأصبحت المنزلة العليا لهم ، عندئذ قال المؤمنون : إن الخاسرين حقا هم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والظلم ، فألقى بهم في النار وفقدوا متعتهم وحرموا نعيمهم ، فخسروا بذلك أنفسهم ، وحيل بينهم وبين أزواجهم وأولادهم وأحبابهم بسبب انشغال كل واحد من هؤلاء بنفسه ، ثم يعلن معلن من قبل الحق سبحانه : { ألا إن الظالمين في عذاب مقيم } . فهم خالدون في النار خلودا أبديا سرمديا ، فما أعظم شقاءهم بالخلود في جهنم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ} (45)

قوله : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ } أي ترى هؤلاء المشركين الخاسرين يعرضون على النار يوم القيامة خاضعين خاسئين ذليلين ، آيسين من كل عون أو رحمة . نسأل الله النجاة والرحمة .

قوله : { يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ } أي يسارقون إليها النظر مسارقة من فرط خوفهم منها .

قوله : { وََقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } يعني يقول المؤمنون يوم القيامة وهم آمنون سالمون مطمئنون : إن الخاسرين أشد الخسارة هم الذين خسروا أنفسهم ؛ لأنهم مخلَّدون في النار . وخسروا أهليهم ؛ لأن الأهلين إن كانوا في النار فلا ينتفع بهم أحد البتة . وإن كانوا في الجنة فقد حيل بينهم وبين الخاسرين الذين هووا في النار .

قوله : { أَلاَ إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ } الظالمون ماكثون في العذاب أبدا سرمدا يوم القيامة فلا يبرحون ولا يخرجون .