بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَتَرَىٰهُمۡ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا خَٰشِعِينَ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرۡفٍ خَفِيّٖۗ وَقَالَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَآ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ فِي عَذَابٖ مُّقِيمٖ} (45)

قوله تعالى : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } يعني : يساقون إلى النار { خاشعين مِنَ الذل } أي : خاضعين من الحزن ، ويقال ساكتين ذليلين ، مقهورين من الحياء { يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفيّ } قال الكلبي : يعني : ينظرون بقلوبهم ، ولا يرونها بأعينهم ، لأنهم يسحبون على وجوههم . وقال مقاتل : يعني : يستخفون بالنظر إليها ، يعني : إلى النار قال القتبي : يعني : غضوا أبصارهم من الذل ، وقال بعضهم : مرة ينظرون إلى العرش بأطراف أعينهم ماذا يأمر الله تعالى بهم ، ومرة ينظرون إلى النار .

{ وَقَالَ الذين آمَنُواْ } يعني : المؤمنين المظلومين { إِنَّ الخاسرين الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ } يعني : يظلمون غيرهم ، حتى تصير حسناتهم للمظلومين ، فخسروا أنفسهم { وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القيامة } قال بعضهم : هذه حكاية كلام المؤمنين في الآخرة ، بأنهم يقولون ذلك ، حين رأوا الظالمين ، الذين خسروا أنفسهم . وقال بعضهم : هذه حكاية قولهم في الدنيا ، فحكى الله تعالى قولهم ، وصدقهم على مقالتهم فقال : { أَلاَ إِنَّ الظالمين في عَذَابٍ مُّقِيمٍ } يعني : دائم وقال بعضهم هذا اللفظ ، لفظ الخبر عنهم ، والمراد به التعليم ، أنه ينبغي لهم يقولوا هكذا يعني : يصبروا على ظلمهم .