18- { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } .
متى يتحرك هؤلاء الكفار إلى التوبة والإيمان ، قبل أن يفاجئهم الموت ، إن من مات فقد قامت قيامته ، أي : هل ينتظر هؤلاء الغافلون اللاهون إلا القيامة تفاجئهم ، وتنهي حياتهم فجأة .
فقد جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته من علامات الساعة ، وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بعثت أنا والساعة كهاتين ) ، وقرن بين أصبعيه الوسطى والسبابة .
وقد جاء في أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نبي التوبة ، ونبي الملحمة ، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه ، والعاقب فلا نبي بعده .
{ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } .
من أين لهم إذا جاءتهم الساعة وانقطعت آجالهم ، أن يتذكروا ويستعتبوا ؟ فقد فات أوان ذلك ، وذهب وقت التذكر ، فقد عُمِّروا ما يتذكر فيه من تذكر وجاءهم النذير ، وفي هذا الحث على الاستعداد قبل مفاجأة الموت .
وعليهم أن يتوبوا قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وقد بدت علاماتها بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم . ففي البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «بُعثت أنا والساعة كهاتين » ، وأشار بإصبعيه السبّابة والتي تليها . ولا ينفعهم شيء إذا جاءتهم الساعة كما قال تعالى : { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى } [ الفجر : 23 ] .
{ فهل ينظرون إلا الساعة } الضمير للمنافقين والمعنى : هل ينتظرون إلا الساعة لأنها قريبة .
{ فقد جاء أشراطها } أي : علاماتها والذي كان قد جاء من ذلك مبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأنه قال : " أنا من أشراط الساعة وبعثت أنا والساعة كهاتين " .
{ فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم } أي : كيف لهم الذكرى إذا جاءتهم الساعة بغتة فلا يقدرون على عمل ولا تنفعهم التوبة ففاعل جاءتهم الساعة ، وذكراهم مبتدأ وخبره الاستفهام المتقدم والمراد به : الاستبعاد .
ولما كان أشد ما يتقى القيامة التي هم بها مكذبون ، سبب عن اتباعهم الهوى قوله تعالى : { فهل ينظرون } أي ينتظرون ، ولكنه جرده{[59585]} إشارة إلى شدة قربها { إلا الساعة } ولما كان كأنه قيل : ما-{[59586]} ينتظرون من أمرها ؟ {[59587]}أبدل منها قوله{[59588]} : { أن تأتيهم } أي تقوم عليهم ، وعبر بالإتيان زيادة في التخويف{[59589]} { بغتة } أي فجاءة من غير شعور بها ولا استعداد لها .
ولما دل ذلك على مزيد القرب ، وكان مجيء علامات الشيء أدل على قربه مع الدلالة على عظمته ، قال معللاً للبغتة{[59590]} : { فقد } {[59591]}ودل على القوة بتذكير الفعل فقال{[59592]} : { جاء أشراطها } أي علاماتها{[59593]} المنذرات بها من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم{[59594]} " بعثت أنا والساعة كهاتين " انشقاق القمر المؤذن بآية الشمس في طلوعها من مغربها وغير ذلك ، وما بعد مقدمات الشيء إلا حضوره{[59595]} .
ولما كان المجيء من أهوالها تذكرها{[59596]} قبل حلولها للعمل بما يقتضيه التذكر{[59597]} ، وكانت إذا جاءت شاغلة عن كل شيء ، سبب عن مجيئها قوله تعالى : { فأنّى } أي فكيف ومن أين { لهم{[59598]} إذا جاءتهم } أي الساعة وأشراطها المعينة لها{[59599]} مثل طلوع الشمس من مغربها{[59600]} { ذكراهم{[59601]} * } لأنهم في أشغل الشغل ولو{[59602]} فرغوا لما تذكروا فعملوا{[59603]} ما أفاد لفوات وقت الأعمال وشرطها ، وهو العمل على الإيمان بالغيب ، وهكذا ساعة الإنسان التي تخصه وهي{[59604]} موته وأشراطها{[59605]} الحاثة على الذكرى {[59606]}وهو{[59607]} المرض والشيب ونحو ذلك ، ومن أشراطها المعينة لها التي لا{[59608]} ينفع معها العمل الوصول إلى حد الغرغرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.