تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

أهداف سورة القلم .

( سورة القلم مكية ، وآياتها 52 آية ، نزلت بعد سورة العلق )

وتشير الروايات إلى أنها من أوائل السور التي نزلت من القرآن ، ونلمح من سياق السورة أنها نزلت بعد الجهر بالدعوة الإسلامية في مكة ، حيث تعرض النبي الأمين صلى الله عليه وسلم للاتهام بالجنون ، فنزلت السورة تنفي عنه هذه التهمة ، وتصف مكارم أخلاقه ، وتتهدد المكذبين ، وتذكر قصة أصحاب الجنة الذين منعوا زكاة الثمار والفاكهة ، فأهلك الله جنتهم ، وكذلك يهلك كل كافر معاند ، وتوجهت السورة إلى أهل مكة بهذا الاستفهام الإنكاري : أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ( القلم : 35 ) . هل يستوي المستقيم والفاجر ؟ أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون . ( القلم : 46 ) . هل تطلب منهم أجرا كبيرا على تبليغ الرسالة ، فلا يستطيعون أداءه ولذلك يتثاقلون عن اتباعك ؟

ثم تذكر السورة طرفا من قصة يونس عليه السلام من باب التسلية والاعتبار ، وتختم السورة ببيان حقد الكافرين وحسدهم ، حتى أن عيونهم ينبعث منها شرار الحسد والغيظ ، ويتهمون النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون ، وما يحمل إلا الذكر والهداية للعالمين .

مع آيات السورة

1- أقسم الله بالقلم والدواة والكتابة ، ليدل على عظيم شأنها في نشر الرسالات والدعوات والعلم والمعرفة ، وكانت أول آية من القرآن : اقرأ باسم ربك الذي خلق . ( العلق : 1 ) .

2 ، 3- نفى القرآن عن النبي صلى الله عليه وسلم الاتهام الكاذب بالجنون ، ثم أثبت أن له أجرا كاملا غير منقوص على تبليغ الرسالة .

4-ومدحه الله بحسن الخلق ، فقال سبحانه : وإنك لعلى خلق عظيم . ( القلم : 4 ) . لقد كان خلقه القرآن ، وكان جامعا للصفات الكريمة ، والقدوة الحسنة ، فقد اتصف بالفصاحة والشجاعة والكرم والحلم ، والأدب والعفة والنزاهة والأمانة ، والصدق والرحمة والتسامح واللين وحسن المعاملة .

وكان صلى الله عليه وسلم حسن الصورة ، معتدل البناء ، جياش العواطف ، قويا في دين الله ، حريصا على تبليغ الرسالة ، قائدا ومعلما ومربيّا وموجها ، أمينا على وحي السماء .

وكانت عظمة أخلاقه في أنه تمثل القرآن سلوكا وهديا وتطبيقا ، فكان قرآنا متحركا ، يجد فيه الصحابة القدوة العملية ، والتطبيق الأمين للوحي ، فيقتدون بخلقه وعمله وهديه وسلوكه .

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا . ( الأحزاب : 21 ) .

5 ، 6- فسيكشف الغد عن حقيقة النبي وحقيقة مكذبيه ، ويثبت أيهم الممتحن بما هو فيه ، وأيهم الضالّ فيما يدعيه ، وستبصر ويبصرون غلبة الإسلام ، واستيلاءك عليهم بالقتل والأسر ، وهيبتك في أعين الناس أجمعين ، وصيرورتهم أذلاء صاغرين .

7- إن ربك هو الذي أوحى إليك ، فهو يعلم أنك المهتدي ، والمكذب بك ضال عن طريق الهدى ، وسيجازي كل إنسان بحسب ما يستحق .

8 ، 9- وقد ساوم الكفار النبي صلى الله عليه وسلم ، وعرضوا عليه أن يعبدوا إلهه يوما وأن يعبد آلهتهم يوما ، فيصيب كل واحد بحظه من إله الآخر : فنزل قوله تعالى : قل يا أيها الكافرون* لا أعبد ما تعبدون . ( الكافرون : 1 ، 2 ) .

وفي كتب السيرة : أن الكفار حرّضوا أبا طالب على أن يكفّ عنهم محمدا ، وأن ينهاه عن عيب آلهتهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمّه : ( والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في يساري ، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ) .

وقد نزل الوحي ينهاه عن طاعة المكذبين ، وينهاه عن قبول المساومة أو الحل الوسط ، فإما إيمانا أو لا إيمان : ودّوا لو تدهن فيدهنون . ( القلم : 9 ) . والإدهان هو اللين والمصانعة ، أي : ودّ المشركون لو تلين لهم في دينك بالركون إلى آلهتهم ، وتتخلى عن مهاجمتها ، حتى يتركوا خصامك وجدالك .

10-13- نزلت هذه الآيات في الوليد بن المغيرة ، وقيل : في الأخنس بن شريق ، وكلاهما كان ممن خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجّوا في حربه ، والآيات تصف هذا الكافر بتسع صفات كلها ذميم :

1- فهو حلاّف ، كثير الحلف .

2- مهين ، لا يحترم نفسه ولا يحترم الناس قوله .

3- همّاز ، يهمز الناس ويعيبهم بالقول والإشارة .

4- مشاء بنميم ، يمشي بين الناس بالنميمة والفتنة والفساد .

5-منّاع للخير ، بخيل ممسك ، وكان يمنع الناس من الإيمان ، ويهدد من يحس منه الاستعداد للإيمان .

6- معتد ، متجاوز للحق والعدل ، ثم هو معتد على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين .

7- أثيم ، كثير الآثام ، لا يبالي بما ارتكب ولا بما اجترح .

8- عتل بعد ذلك ، جامع للصفات المذمومة ، وهو فظّ غليظ جاف .

9- زنيم ، أي لصيق في قومه متهم في نسبه ، أو معروف بالشرور والآثام .

14- 16- تذكر هذه الآيات موقفه من دين الله ، وجحوده بنعمة الله عليه ، فلأنه صاحب مال وولد ، إذا تلي عليه القرآن استهزأ بآياته ، وسخر من الرسول ، وهذه وحدها تعدل كل ما مرّ من وصف ذميم ، سنسمه على الخرطوم . ( القلم : 16 ) . أي : سنجعل له سمة وعلامة على أنفه ، والمراد أنا سنبين أمره بيانا واضحا حتى لا يخفى على أحد ، أو سنذله في الدنيا غاية الإذلال ، ونجعله ممقوتا مذموما مشهورا بالشر .

قصة أصحاب الجنة

تتناول الآيات ( 17-33 ) قصة أصحاب الجنة ، وهم قوم ورثوا عن أبيهم بستانا جميلا مثمرا يانعا ، وكان أبوهم يخرج زكاة البستان ، ويوزع مقدارا منه على الفقراء والمساكين ، فعاقبهم الله بهلاك البستان ، وكذلك يعاقب الكافرين يوم القيامة ، وقد عرضتها الآيات عرضا رائعا يمثل خطوات القصة ، وضعف تدبير الإنسان أمام تدبير الله الواحد الديان ، فلنسر مع الآيات :

17 ، 18- لقد استقر رأس أصحاب الجنة أن يقطعوا ثمرها عند الصباح ، دون أن يستثنوا منه شيئا للمساكين ، وأقسموا على هذا ، وعقدوا النية عليه .

19 ، 20- فطرق تلك الجنة طارق من أمر الله ليلا وهم نيام : فأصبحت كالصّريم . ( القلم : 20 ) . أي كالبستان الذي صرمت ثماره أي قطعت ، كأنها مقطوعة الثمار ، فقد ذهب الطائف الذي طاف عليها بكل ثمرها .

21-24- فنادى بعضهم بعضا في الصباح ، وانطلقوا يتحدثون في خفوت ، زيادة في إحكام التدبير ، ويوصى بعضهم بعضا بأن يحتجزوا الثمر كله ، ويحرموا منه المساكين .

25- وغدوا مصممين على حردi المساكين ومنعهم وحرمانهم ، قادرين عند أنفسهم على المنع وحجب منفعتها على المساكين .

26 ، 27- فلما شاهدوا بستانهم ورأوه محترقا أنكروه ، وشكوا فيه وقالوا : أبستاننا هذا أم نحن ضالون طريقه ؟ ثم تيقنوا أنه بستانهم وقد حاق بهم الحرمان والندم .

28- 32- وبعد أن حدث ما حدث ألقى كل منهم تبعة ما وقع على غيره ، وتشاحنوا ، ثم تركوا التلاوم ، واعترفوا بالخطيئة أما العاقبة الرديئة ، عسى أن يغفر الله لهم ، ويعوضهم عن الجنة الضائعة .

33- هكذا عذاب من خالف أمر الله ، وبخل بما آتاه ، وأنعم به عليه ، ومنع حق البائس الفقير ، وفي الآخرة عذاب أكبر من هذا العذاب ، لكل جاحد بنعمة الله ، ولكل مكذب بالدين والإيمان ، فليعلم ذلك المشركون وأهل مكة ، وليحذروا عاقبة كفرهم وعنادهم .

والقصة مسوقة لغاية معينة هي بيان عاقبة الجحود ومنع حق الله ، إنها عاقبة سيئة في الدنيا وفي الآخرة ، وفي القصة تهديد للكافرين ، وعظة للمؤمنين .

34- وفي مقابل ما أعد للكافرين ، بيان بالنعيم الذي أعد للمتقين .

35- 47- وعند هاتين الخاتمتين يدخل القرآن معهم في جدل لا تعقيد فيه ولا تركيب ، ويتحداهم ويحرجهم بالسؤال تلو السؤال ، عن أمور ليس لها إلا جواب واحد تصعب فيه المغالطة ، ويهددهم في الآخرة بمشهد رهيب ، وفي الدنيا بحرب من العزيز الجبار القوي الشديد .

48 -50- توجه الآيات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الصبر على تكاليف الرسالة ، والصبر على الأذى والتكذيب ، وتذكر له تجربة أخ له من قبل ضاق صدره بتكذيب قومه ، وهو يونس عليه السلام .

قصة يونس

أرسل الله يونس بن متى عليه السلام ، إلى أهل قرية نينوى بجوار مدينة الموصل بالعراق ، فاستبطأ إيمانهم وشق عليه تلكؤهم ، وضاق صدره بتكذيبهم ، فهجرهم مغاضبا لهم ، قاده الغضب إلى شاطئ البحر ، حيث ركب سفينة مع آخرين ، فلما كانوا في وسط اللجّة ثقلت السفينة وتعرضت للغرق ، فأقرعوا بين الركاب للتخفف من واحد منهم ، لتخفّ السفينة ، فكانت القرعة على يونس ، فألقوه في اليمّ ، فابتلعه الحوت ، عندئذ نادى يونس ، وهو مكظوم . ( القلم : 48 ) . مملوء غيظا ، لوقوعه في كرب شديد ، في ظلمات البحر ، وفي بطن الحوت ، وفي وسط اللجّة ، نادى ربه : أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . ( الأنبياء : 87 ) . فتداركه نعمة من ربه ، فنبذه الحوت على الشاطئ مريضا سقيما ، ثم يسر الله له الأمور ، واصطفاه وأوحى إليه ، وأرسله إلى مائة ألف يزيدون فآمنوا به ، وجعله الله من الصالحين ، حيث رّ إليه الوحي ، وشفعه في نفسه وقومه .

50- 52- وفي ختام السورة مشهدا للكافرين ، وهم يتلقون الدعوة من الرسول الكريم في غيظ عنيف ، وحسد عميق ، ينسكب في نظرات مسمومة قاتلة يوجهونها إليه .

قال جار الله الزمخشري :

وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون . ( القلم : 51 ) . يعني أنهم من شدة تخوفهم ، ونظرهم إليك سرّا بعيون العداوة والبغضاء ، يكادون يزلون قدمك ، أو يهلكونك ، من قولهم : نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني ، أو يكاد يأكلني ، أي لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله .

وعن الحسن : دواء الإصابة بالعين أن تقرأ هذه الآية ، وقد كان الكفار يريدون إصابة النبي صلى الله عليه وسلم بعيونهم وحسدهم ، فعصمه الله تعالى وأنزل عليه الآية .

وقد صح في الحديث من عدة طرق : ( إن العين لتدخل الرجل القبر ، والجمل القدر )ii .

وروى الإمام أحمد ، عن أبي ذر مرفوعا : ( إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه )iii .

ومما يحفظ المؤمن من الحسد خمسة أشياء ، هي :

1- قراءة : قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس .

2- إخراج صدقة .

3- قراءة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وله الملك وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ) عشر مرات بعد صلاة المغرب ، وعشر مرات بعد صلاة الصبح .

4- قراءة قوله تعالى : وإن يكاد الذي كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون . ( القلم : 51 ) .

5- وأهم شيء في الوقاية من حسد ، الثقة الكاملة والاعتقاد اليقيني بأن الله هو النافع الضار ، وأن أحدا لن ينفعك إلا بإذن الله ، ولن يضرك إلا بمشيئة الله .

المعنى الإجمالي للسورة

بيان محاسن الأخلاق النبوية ، سوء أخلاق بعض الكفار ، وعذاب مانعي الزكاة ، وضرب المثل بقصة أصحاب الجنة ، وتقريع المجرمين وتوبيخهم وإقامة الحجة عليهم ، وتهديد المشركين المكذبين بالقرآن ، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر ، والإشارة إلى حال يونس عليه السلام في قلة الصبر على قومه ، وقصد الكفار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوه بالعين في قوله : وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون . ( القلم : 51 ) .

أسماء السورة :

للسورة اسمان : سورة ( ن ) ، وسورة القلم .

والاسم الثاني أشهر من الأول .

***

تمهيد

تفيد كتب علوم القرآن الكريم أن سورة القلم من أوائل من نزل من القرآن الكريم ، فأول سورة من القرآن الكريم نزلت هي سورة العلق ، وفي صدر السورة حثّ على القراءة والعلم ، وكذلك سورة القلم فيها مدح للكتابة والتعليم ، وفيها قسم بالقلم والكتابة والتسطير ، لبيان أهمية ذلك في تبليغ الدعوة الإسلامية ، وارتفاع شأن الأمّة .

وقد اختار الله رسوله أميا لحكمة عليا : حتى لا يرتاب المبطلون ، ولا يظن الظانون أنه نقل القرآن من الكتب السابقة ، وهذا النبي الأمي علّم الناس الوحي ، وارتقى بأمّته من الجهل والتدابر إلى العلم والتواصل .

وإذا كان صدر سورة القلم قد نزل مبكرا ، فإن بقية السورة نزلت بعد ذلك ، ويرجّح الأستاذ سيد قطب في تفسيره ( في ظلال القرآن ) أن السورة نزلت تهاجم الكافرون وتهددهم ، وذلك يوضّح أن تاريخ نزولها كان بعد الجهر بالدعوة ، أي بعد ثلاث سنوات من مرحلة الإسرار بالدعوة .

الخلق العظيم

بسم الله الرحمان الرحيم

{ ن ، والقلم وما يسطرون 1 ما أنت بنعمة ربك بمجنون 2 وإن لك لأجرا غير ممنون 3 وإنك لعلى خلق عظيم 4 فستبصر ويبصرون 5 بأييّكم المفتون 6 إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين 7 }

المفردات :

ن : حروف أقسم الله بها ، أو استفتح بها السور ، أو هي للتحدّي والإعجاز ، أو هي كالجرس الذي يقرع فيتنبه التلاميذ لدخول المدرسة ، أو هي إشارة إلى أسماء الله تعالى أو صفاته .

يسطرون : يكتبون .

1

التفسير :

1- ن والقلم وما يسطرون .

أقسم الله تعالى ببعض الحروف التي افتتح بها بعض سور القرآن الكريم ، مثل : ن ص ، حم ، طسم ، المر ، المص ، حم عسق ، كهيعص .

وهي حروف يقصد بها التحدّي والإعجاز ، وبيان أن القرآن مكوّن من حروف عربية تنطقون بها ، وقد عجزتم عن الإتيان بمثله ، فدل ذلك على أنه ليس من صنع بشر ، ولكنه تنزيل من عليم حكيم .

وقيل : هي أدوات للتنبيه ، كالجرس الذي يقرع فيتنبه التلاميذ لدخول المدرسة .

والقلم .

أقسم الله بالقلم ، وهو وسيلة الكتابة وأداة التعليم ، تحريرا لنا من الأمّية ، وتوجيها لنا إلى فضل العلم وأهمية الكتابة ، حتى قال القائل :

تعلم العلم واقرأ *** تحز فخار النبوّة

فالله قال ليحيى *** خذ الكتاب بقوّة

ويمكن أن يراد بالقلم أيضا ، القلم الذي يكتب به الملائكة ما في اللوح المحفوظ ، ويسجّلون به في صحائفهم أعمال الناس .

إن ديننا العلم والكتابة ، والتسابق العلمي والفكري ، ومن واجب الأمة الإسلامية أن تتسابق في ميادين العلم النظري والعملي والديني ، ليعود لها مجدها وعزّها .

قال تعالى : قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعملون . . . ( الزمر : 9 ) .

وقال سبحانه وتعالى : شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم . . . ( آل عمران : 18 ) .

وقال سبحانه وتعالى : وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون . ( العنكبوت : 43 ) .

وما يسطرون .

وما يكتب بالقلم ، وما يسطّر به من الكتب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس وقتادة : من أولها إلى قوله تعالى : " سنسمه على الخرطوم{[1]} " [ القلم : 16 ] مكي . ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : " أكبر لو كانوا يعلمون{[2]} " [ القلم : 33 ] مدني . ومن بعد ذلك إلى قوله : " يكتبون{[3]} " [ القلم : 47 ] مكي . ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : " من الصالحين{[4]} " [ القلم : 50 ] مدني ، وما بقي مكي ، قاله الماوردي .

قوله تعالى : " ن والقلم " أدغم النون الثانية في هجائها في الواو أبو بكر والمفضل وهبيرة وورش وابن محيصن وابن عامر والكسائي ويعقوب . والباقون بالإظهار . وقرأ عيسى بن عمر بفتحها ، كأنه أضمر فعلا . وقرأ ابن عباس ونصر وابن أبي إسحاق بكسرها على إضمار حرف القسم . وقرأ هارون ومحمد بن السميقع بضمها على البناء . واختلف في تأويله ، فروى معاوية بن قرة عن أبيه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ن لوح من نور ) . وروى ثابت البناني أن " ن " الدواة . وقاله الحسن وقتادة . وروى الوليد بن مسلم قال : حدثنا مالك بن أنس عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ، وذلك قوله تعالى : " ن والقلم " ثم قال له اكتب قال : وما أكتب قال : ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل أو أجل أو رزق أو أثر ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة - قال - ثم ختم فم القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة . ثم خلق العقل فقال الجبار : ما خلقت خلقا أعجب إلي منك وعزتي وجلالي لأُكَمِّلَنَّكَ فيمن أحببت ولأنقصنك فيمن أبغضت ) قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أكمل الناس عقلا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته ) . وعن مجاهد قال : " ن " الحوت الذي تحت الأرض السابعة . قال : " والقلم " الذي كتب به الذكر . وكذا قال مقاتل ومرة الهمداني وعطاء الخراساني والسدي والكلبي : إن النون هو الحوت الذي عليه الأرضون . وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن ، ثم رفع بخار الماء فخلق منه السماء ، ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره ، فمادت الأرض فأثبتت بالجبال ، وإن الجبال لتفخر على الأرض . ثم قرأ ابن عباس " ن والقلم " الآية . وقال الكلبي ومقاتل : اسمه البهموت{[15216]} . قال الراجز :

مالي أراكم كلكم سكوتَا *** والله ربي خلق البَهْمُوتَا

وقال أبو اليقظان والواقدي : ليوثا . وقال كعب : لوثوثا . وقال : بلهموثا{[15217]} . وقال كعب : إن إبليس تغلغل إلى الحوت الذي على ظهره الأرضون فوسوس في قلبه ، وقال : أتدري ما على ظهرك يا لوثوثا من الدواب والشجر والأرضين وغيرها ، لو لفظتهم ألقيتهم عن ظهرك أجمع ، فهم ليوثا أن يفعل ذلك ، فبعث الله إليه دابة فدخلت منخره ووصلت إلى دماغه ، فضج الحوت إلى الله عز وجل منها فأذن الله لها فخرجت . قال كعب : فوالله إنه لينظر إليها وتنظر إليه ، إن هم بشيء من ذلك عادت كما كانت . وقال الضحاك عن ابن عباس : إن " ن " آخر حروف من حروف الرحمن . قال : الر ، وحم ، ون ، الرحمن تعالى متقطعة . وقال ابن زيد : هو قسم أقسم تعالى به . وقال ابن كيسان : هو فاتحة السورة . وقيل : اسم السورة . وقال عطاء وأبو العالية : هو افتتاح اسمه نصير ونور وناصر . وقال محمد بن كعب : أقسم الله تعالى بنصره للمؤمنين ، وهو حق . بيانه قوله تعالى : " وكان حقا علينا نصر المؤمنين{[15218]} " [ الروم : 47 ] وقال جعفر الصادق : هو نهر من أنهار الجنة يقال له نون . وقيل : هو المعروف من حروف المعجم ؛ لأنه لو كان غير ذلك لكان معربا ، وهو اختيار القشيري أبو نصر عبدالرحيم في تفسيره . قال : لأن " ن " حرف لم يعرب ، فلو كان كلمة تامة أعرب كما أعرب القلم ، فهو إذا حرف هجاء كما في سائر مفاتيح السور . وعلى هذا قيل : هو اسم السورة ، أي هذه السورة " ن " . ثم قال : " والقلم " أقسم بالقلم لما فيه من البيان كاللسان ؛ وهو واقع على كل قلم مما يكتب به من في السماء ومن في الأرض ، ومنه قول أبي الفتح البستي :

إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم *** وعدّوه مما يكسب المجد والكرم

كفى قلم الكُتَّاب عزا ورفعة *** مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم

وللشعراء في تفضيل القلم على السيف أبيات كثيرة ، ما ذكرناه أعلاه . وقال ابن عباس : هذا قسم بالقلم الذي خلقه الله ، فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة . قال : وهو قلم من نور طوله كما بين السماء والأرض . ويقال . خلق الله القلم ثم نظر إليه فانشق نصفين ، فقال : اجْرِ ، فقال : يا رب بم أجري ؟ قال بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فجرى على اللوح المحفوظ . وقال الوليد بن عبادة بن الصامت : أوصاني أبي عند موته فقال : يا بني ، اتق الله ، واعلم أنك لن تتقي ولن تبلغ العلم حتى تؤمن بالله وحده ، والقدر خيره وشره ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول ما خلق الله القلم فقال له : اكتب فقال : يا رب وما أكتب ؟ فقال : اكتب القدر ، فجرى القلم في تلك الساعة بما كان وما هو كائن إلى الأبد ) . وقال ابن عباس : أول ما خلق الله القلم ، فأمره أن يكتب ما هو كائن ، فكتب فيما كتب " تبت يدا أبي لهب " [ المسد : 1 ] . وقال قتادة : القلم نعمة من الله تعالى على عباده . قال غيره : فخلق الله القلم الأول فكتب ما يكون في الذكر ، ووضعه عنده فوق عرشه ، ثم خلق القلم الثاني ليكتب به في الأرض ، على ما يأتي بيانه في سورة " اقرأ باسم ربك{[15219]} " [ العلق : 1 ] .

قوله تعالى : " وما يسطرون " أي وما يكتبون . يريد الملائكة يكتبون أعمال بني آدم ، قاله ابن عباس : وقيل : وما يكتبون أي الناس ويتفاهمون به . وقال ابن عباس : ومعنى " وما يسطرون " وما يعلمون . و " ما " موصولة أو مصدرية ، أي ومسطوراتهم أو وسطرهم ، ويراد به كل من يسطر أو الحفظة ، على الخلاف .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[2]:في بعض النسخ: "أبي قاسم"
[3]:في بعض النسخ: "المسيي".
[4]:آية 92 سورة الحج
[15216]:ضبطه الألوسي في تفسيره فقال: "اليهموت بفتح الياء المثناة التحتية وسكون الهاء".
[15217]:اضطربت الأصول والمراجع التي بين أيدينا في هذه الأسماء. وقد خرج المؤلف رحمه الله عما اشترطه في مقدمة كتابه. (ص3) حيث قال: "... وأضرب عن كثير من قصص المفسرين، وأخبار المؤرخين..."الخ.
[15218]:راجع جـ 14 ص 43.
[15219]:راجع جـ 20 ص 117.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ن{[1]} وتسمى سورة القلم

مقصودها إظهار ما استتر ، وبيان ما أبهم في آية " فستعلمون من هو في ضلال مبين " بتعيين المهتدي{[2]} الذي برهن على هدايته حيازته العلم الذي هو النور الأعظم ، الذي لا يضل بمصاحبته بتقبل القرآن والتخلق بالفرقان ، الذي هو صفة الرحمن بقدر{[3]} الإمكان الذي تصل إليه قوة الإنسان ، وأدل ما فيها على هذا الغرض " ن " وكذا و " القلم " فلذا سميت بكل منهما ، وبالكلام على كل منهما يعرف ذلك{[4]} ، وحاصله أن النون {[5]}مبين محيط{[6]} في بيانه كما يحيط ضوء الشمس بما يظهره ، وكما تحيط الدواة بمدادها ، بآية ما دل عليه {[7]} بمخرجه وصفاته{[8]} ، واستقر الكلام الواقع فيها{[9]} وفي المعاني التي اشتركت في لفظه ، وأما{[10]} القلم فإبانته للمعارف{[11]} أمر لا ينكر ( بسم الله ) الذي له الإحاطة الكاملة ، فهو على كل شيء قدير ، لأنه بكل شيء عليم ( الرحمن ) الذي عمت نعمة إيجاده لأهل معاده البريء منهم والسقيم ، ( الرحيم ) الذي/أتم تلك النعمة على من وفقه لطاعته ، فألزمه الصراط المستقيم .

لما أبهم الضال والمهتدي في آخر " الملك " والمسيء والمحسن في العمل أولها ، وختم بآية الماء المعين الذي دلت حروفه بمجموعها على تمام معناه ، ودل كل واحد منها على شيء منه ، فدلت ميمه على تمام شيء ظاهر ، وعينه على آية هادية ، وياؤه على قائم ملطف متنزل مع كل مقام ، ونونه على مظهر مبين محيط بما أظهره ، وردهم سبحانه إليه بعد شرادهم{[67195]} عنه بالاستفهام في هذه الآية بما نبههم عليه من عجزهم وعجز كل من يدعونه من دونه ، وأنه لا يقدر على الإتيان بذلك الماء الذي هو حياة الأشباح بعد ذهابه إلا من تمت قدرته ، فكان قادراً على كل ما يريد ، وكان لا يقدر على كل{[67196]} ما يريده إلا من كمل علمه الذي يحيي به ميت{[67197]} الأرواح ، دل على شمول قدرته بكمال علمه بما أفاده على هذا النبي الكريم الأمي من العلوم التي زخرت بحارها ، فأحيا مدرارها ، وأغرق تيارها ، فافتتح هذه السورة بكلمة البيان ، وهو اسم الحرف الذي هو آخر حروف تلك ، ومن لوازم بعض ما دل عليه الماء الذي هو الحياة المصححة ، ونبه على {[67198]}نصبه له{[67199]} سبحانه دليلاً على العلم{[67200]} بما دل عليه من مخرج مسماه وصفاته ومواقعه في الكلم في جميع تقلباته فقال : { ن } هذه الكلمة حرف من حروف المعجم وهي{[67201]} اسم لمسمى به ظهور الأشياء وعلمها وإدراكها ، كما دل عليه موقعه في اسم النور والنار والنيل والنمو والنباهة والنقاء والنصح والنبأ والنجابة والنجاة والنحت والندم ، وقد تقدم في البقرة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : لكل كتاب سر وسر القرآن هذه الحروف ، ولا يعلم ما هي إلا واضعها سبحانه .

ولما كان هذا الحرف مشتركاً في اللغة بين حرف المعجم والدواة والحوت وشفرة السيف ، سكن للدلالة بادىء بدء على أنه حرف ، ولا يمنع إسكانه المتأصل في البناء من إرادة بقية المعاني ، لأن العرب ربما سكنت الكلمة بنية الوقف تنبيهاً على عظمة معناها ، فلا يلزم من الإسكان عن غير عامل البناء ، وقيل : النون اللوح ، والنونة الكلمة من الصواب ، والسمكة ، فهو صالح لحرف المعجم الكلي الصالح لكل{[67202]} فرد ، وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه آخر حروف الرحمن{[67203]} والدواة لما يتأثر عنها من العلوم ، والحوت الذي على ظهره الكون واسمه البهموت ، لما في ذلك من عجائب القدر والأسرار ، ويكون الإقسام {[67204]}وقع بالنون{[67205]}سفلا والقلم علواً للإحاطة ، والسيف لما يتأثر عنه{[67206]} من جليل الآثار ، وكيفما كان المراد فهو الإحاطة ، وهو سر باطن لا يظهر ، وإنما تظهر نتائجه ، فهو{[67207]} الحكم ونتائجه القضاء والقدر بالإشقاء أو{[67208]} الإسعاد .

ولما كان هذا الحرف آية الكشف للأشياء ، كان مخرجه أمكن المخارج وأيسرها وأخفها وأوسعها{[67209]} وهو رأس المقول ، فإنه يخرج مما{[67210]} بين طرف اللسان وفويق الثنايا{[67211]} من اللثة ، وهو أخرج من مخرج اللام ومن مخرج الراء أيضاً ، وتسمى هذه الحروف الثلاثة{[67212]} الزلقية مع بقية حروف " فر من لب " لأن طرف كل شيء زلقة ، والنون أمكنها في هذا المخرج وأشدها انطباقاً فيما بين اللسان واللثة ، وهو مما كرر مسماه في اسمه فانتهى إلى حيث ابتدأ ، واختص بكون عماده وقوامه الحرف الأقوى الأظهر ذا الرفعة والعلو وهو الواو والزلقية التي هو أحدها ضد المصمتة{[67213]} وهي أخف الحروف على اللسان وأكثرها امتزاجاً بغيرها ، وأما المصمتة فمنعت{[67214]} أن تنفرد بنفسها في لغة العرب في كلمة هي أكثر من ثلاثة أحرف ، بل لا بد أن يكون معها بعض الزلقية ، والألف خارجة {[67215]}عن الصنفين{[67216]} لأنها مجرد إهواء لا مستقر لها ، فقد ناسبت بمخرجها لسعته وخفته ، ووصفها بالزلاقة التي تقع لما اتصف بها من الحروف الكمال{[67217]} غنية عن سواها ولا يقع لما لم يخالطها كمال فيما ذكر ما{[67218]} ذكر من أن معناها البيان والإظهار ومن صفاتها الجهر وبين الشدة والرخاوة والانفتاح والاستفال ، والغنة الخارجة من الخيشوم إذا سكن ، وكل هذا واضح في العلم الذي له الاتساع والانتشار والتغلغل في الأشياء الباطنة ، ويشاركه الميم في الغنة كما أنه يشاركه في أن له حظاً من الظهور والنون وهو الأصل في الغنة كما أنه{[67219]} الأصل في الظهور لما له من العلو بالعماد ، وهو أيضاً من حروف الذبذبة والزيادة التي لا تستقر على حال ، فتقع مرة زوائد وأخرى أصولاً ، كما أن العلم أيضاً كذلك لا استقرار له بل مهما وسعته اتسع ، ومهما تركته اضمحل وانجمع ، وهو من حروف الإبدال التي تبدل من غيرها ولا يكون غيرها بدلاً منها ، فلازب ولازم الميم بدل من الباء ، بخلاف العكس ، كما أن العلم أصل يتبعه غيره ولا يكون هو تابعاً لغيره ، وهي{[67220]} من الحروف الصحيحة وليست معتلة ، والعلم جدير بهذا الوصف ، وهو إذا كان مخفي{[67221]} من الحروف المشربة ويقال لها المخالطة - بكسر اللام وفتحها ، وهي التي اتسعت فيها العرب فزادتها على التسعة والعشرين المستعملة وهي{[67222]} من الحروف الصم وهي ما عدا الحلقية ، {[67223]}سميت بذلك لتمكنها في خروجها{[67224]} من الفم واستحكامها فيه ، يقال للمحكم المصمت و{[67225]}العلم أشد ما يكون مناسبة لهذا الوصف ، فقد انطبقت بمخرجها وجميع صفاتها على العلم الذي هو مقصود السورة فتبين حقاً أنه مقصودها ، وأما رتبة القلم في بيان{[67226]} العلم وإظهاره وكشف خفاياه وأسراره وبثه وإشهاره ، فهي بحيث لا يجهلها أحد اتصف بالعقل ، ومما يختص به هذا الحرف أنه يصحب كل حرف ، لأن حده هو ما يعبر عنه التنوين الذي انتظامه بالحركات ، هو ما آيته العلم المكمل {[67227]}به الحياة{[67228]} التي هي آية ما يعبر عنه هذه الحركات ، فلما كانت هذه الحركات آية على ما هو الحياة ، كان التنوين عقبها آية على ما به كمال الحياة من العلم ، وهو سبب لما به القيام من{[67229]} الظهور ، ومن معناه اسمه تعالى النور ، ثم {[67230]}هو اسم لكل ما يظهر ما{[67231]} خفي باطناً كالعلم في الإدراك الذي تظهر حقائق الأشياء به ، وظاهراً كالنيرين للعيون ، وسائر الأنوار الظاهرة والباطنة ، وما هو وسيلة الظهور كالعيون مما به تشاهد الأشياء ويظهر به{[67232]} صورها ، والدواة التي منها مداد ما كتب بالقلم في العوالم أعلاها وأدناها ، وكل آلة يتوصل بها إلى إظهار صورة تكون تماماً كماء المزن ، الذي هو مداد كل شيء كوّن الله به الكائنات والبادئات " وجعلنا من الماء كل شيء حي " ومنه معنى النجم النباتي الذي هو للشجر بمنزلة الفول للبشر متلبساً{[67233]} بالنور - بالفتح - الذي فيه حظ من النور - بالضم - والذرء الذي هو ظاهر في نفسه مظهر لطرق الاهتداء ، وكذلك الأمر في النار المخلصة من رتبة ظلمتها التي هي غايتها بالرماد ، وابتداؤها بما يخرج منه من شجر وحديد وحجر .

ولما كان هذا الحرف اسماً لما به ظهور أمر لم يختص بشيء من المظهرات دون آخر ، بل شمل النور والحاسة والمراد والمادة ، ولذلك كان مع الكاف الذي هو علم التكوين سبب ظهور كل شيء .

{ إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون }[ النحل : 40 ] ولصدقه على كل{[67234]} مظهر فسره ابن عباس رضي الله عنهما بالدواة ، ففسر بما يستمد منه القلم ، وليلحظ موقعه في نجد ، فإنه اسم لما ارتفع من الأرض ، وظهر في نفسه وأظهر غيره ، وفي نهود الجارية وهو ظهور نهدها ، {[67235]}وفي{[67236]} النهب وهو ما أخذ أخذاً ظاهراً كما قال صلى الله عليه وسلم{[67237]} " ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم " وفي النفخ والنفع والنصر والنقر والنقب وما أشبهها ، فإنها كلها ظهور وإظهار كالنم والمن والنمء . ولأجل علوه واستبطانه وأنه استغراق المظهر المبين كانت إقامته {[67238]}يتعالى{[67239]} الألف وهو الواو وانتهاؤه إلى مثل ما بدأ به ، ولكون الميم تماماً كان قوامه بمتنزل كالألف التي هي الياء{[67240]} في قولك ميم ، ولرجوع الواو إلى علو الألف كان عمادها الألف في قولك " واو " وهذه الحروف الثلاثة ظاهرة في عالمين ظاهرهما المبدوء به{[67241]} وباطنهما المختوم به ، فالنون الأولى يعبر بها عن نور الأبصار ، والخاتمة يعبر بها عن نور القلب ، ولما كان الهاء وتر الدال ، وكان محيطاً باطناً غيباً ، وجب أن يكون محل تضعيفه بالياء محل محيط باطن{[67242]} نازل الرتبة في الغيب عن الهاء لوقوعه في رتب العشرات وهو النون ، فكان ظاهراً بالإضافة {[67243]}إلى خفاء الهاء باطناً بالإضافة{[67244]} إلى ظهور الميم ، فيكون بالنون ظهور الميم المعبر عن " الملك " الذي سبق في السورة الماضية ، كما كان{[67245]} شهادة الدال وثبوته بالهاء .

ولذلك انبنى تمام كل عمل على نور علم ، كما كان قوام ظاهر كل دال غير هاء ، وكان النون مداداً{[67246]} لمثل العلم الذي يظهر صورها بسطر القلم ، حتى أن آية ما بطن منه فأظهره القلم ، هو ما بطن دون الأرض من النون الذي عليه الأرض ، الذي أول ما يطعمه أهل الجنة زيادة كبده مع الثور الذي عليه الأرض أيضاً{[67247]} الذي يذبح لهم - على ما ورد في الخبر ، وقابل استبطان النون في الأرض ظهور القاف على ظاهرها ، الذي هو جبل الزبرجد المحيط بالدنيا ، وعن ذلك الاستيلاء على القلوب في الدنيا إنما يكون بالعلم الذي هو حقيقة نون ، كما أن الاستيلاء على الأجسام في ظاهر الدنيا إنما يكون بالقدرة التي هي حقيقة قاف ، على ما يظهر من إجالتي العلماء في النون الأبطن ، والملوك في القاف الأظهر ، وهذان الصنفان{[67248]} من الخلق هما المستوليان على الناس بالأيالة ونفوذ الأمر ، ولذلك أقيم المفصل من القرآن بحرفي قاف ونون ، واقترن أيضاً هذان{[67249]} الحرفان في كلمة القرآن ولفظ الفرقان اللذين هما في ظواهر أسمائه ، وإنما كان أول ما يطعمه أهل الجنة من الثور الذي عليه الدنيا الذي كان{[67250]} يرعى في أطراف الجنة - على ما ورد عنه عليه أفضل الصلاة والسلام ، لأن صورة الثور هي معنى ما هو الكد والكدح{[67251]} وجهد{[67252]} العمل في الأرض الذي قام عليه أمر الدنيا ، ولما كان أهل الدنيا أول ما يراحون منه من أمر الدنيا تقديم أمر الكد بين يدي معاشهم في الجنة ، كان الذي يذبح{[67253]} لهم الثور الذي هو صورة كدهم فيأكلونه ، فهو جزاء ما عملوا به في دنياهم من حيث كانوا ذوي دين ، فاستحقوا بذلك جزاء كدهم بما هو صورته ، وأضيف لذلك زيادة{[67254]} كبد النون التي{[67255]} هي صورة حظهم من أصل العلم ، فأطعموها وجوزوا بها ، وروعي في أعمالهم حسن نيتهم في أصل دينهم ، فلما أتوا عليهما استقبلوا الراحة والخروج عن الكلفة في معاشهم في الجنة ، والذي جرهم به سبحانه إلى سني هذه الرتبة ما أتقنه بحكمته من ثناء المفصل القرآني على حرفي القاف الذي به {[67256]}القوة والقهر{[67257]} والقدرة ، والنون الذي به إظهار ذلك للعقل بنور العلم ، و{[67258]}ذلك أن القرآن نزله سبحانه مثاني ، ضمّن ما عدا المفصل منه الذي هو{[67259]} من قاف إلى خاتمة الكتاب العزيز ، وفاتحته ما يختص بأولي العلم والفقه من مبسوطات الحكم ومحكمات الأحكام ومطولات الأقاصيص ومتشابه الآيات ، والسور المفتتحة بالحروف العلية{[67260]} الإحاطة الغيبية المنحى المستندة إلى آحاد الأعداد ، مما يختص بعلم ظاهرها خاصة الأمة ، ويختص بأمر باطنها آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فلعلو رتبة إيراد ما عدا المفصل ثنى {[67261]}الحق تعالى{[67262]} الخطاب وانتظمه في سور{[67263]} كثيرة العدد يسيرة عد الآي هي المفصل ، ذكر فيها من أطراف القصص والمواعظ والأحكام والأنباء وأمر الجزاء ، ما يليق بسماع العامة ليسهل عليهم سماعه ، وليأخذوا بحظ مما أخذ الخاصة ، ويتكرر على أسماعهم في قراءة الأئمة له في الصلوات المفروضة{[67264]} التي لا مندوحة لهم عنها ما يكون لهم خلقاً مما يفوتهم من مضمون سائر السور المطولات ، فكان أحق ما افتتح به مفصلهم حرف القاف الذي هو وتر الآحاد حتى صارت عشرة ، ثم إذا ضربت{[67265]} في نفسها صارت مائة ، فافتتح به المفصل ، ليكون مضمون ما يحتوي عليه أظهر مما يحتوي عليه ما افتتح ب الم ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقرأ في خطبة يوم الجمعة سورة " ق " {[67266]} فيفتتح للعامة المتوجه بخطبة يوم الجمعة إليهم ، لأنها صلاة جامعة الظاهر بفاتحة المفصل الخاص ، وفي مضمونها من معنى القدرة والقهر المحتاج إليه في إقامة أمر العامة ما فيه كفاية ، وشفعت بسورة " ن " {[67267]} المظهرة ظاهر " ق " فخصوا بما فيه القهر والإبانة ، واختصت سورة " ن " من مقتضى العلم بما هو محيط بأمر العامة المنتهي إلى غاية الذكر الشامل للعالمين ، لأن القوة المعربة عن العلم ، ربما كان ضررها أكثر من نفعها ، كما قال بعض السلف : كل عز لم يوطده علم فإلى ذل يؤول ، وكما كان جميع السور{[67268]} التسع والعشرين المفتتحة بالحروف المتضمنة للمراتب التسع في التسعة وللعاشر الجامع للمراتب التسع بإيتار{[67269]} آحادها ، والعاشر الجامع يضرب العشر الموتر في نفسه قواماً وإحاطة في جميع القرآن ، كذلك كانت سورة " ق " وسورة " ن " قواماً خاصاً وإحاطة{[67270]} خاصة بما يخص العامة من القرآن الذي يجمعهم الأرض بما أحاط من ظاهرها من صورة جبل " ق " وما أحاط بباطنها من صورة حيوان " ن " الذين تمام أمرهم بما بين مددي إقامتهما{[67271]} ، وبهذه السورة المفتتحة بالحروف{[67272]} ظهر اختصاص القرآن وتميز عن سائر الكتب لتضمنه الإحاطة التي لا تكون إلا {[67273]}للخاتم الجامع{[67274]} ، واقترن من التفصيل في سورها ما يليق بإحاطتها ، ولإحاطة معانيها وإبهامها كان كل ما فسرت به من معنى يرجع إلى مقتضاها صحيحاً في إحاطتها بمتنزلها{[67275]} من أسماء الله وترتبها في{[67276]} جميع العوالم ، فلا يخطىء فيها مفسر لذلك ، لأنه كلما قصد وجهاً من التفسير لم يخرج عن إحاطة ما يقتضيه ، ومهما فسرت به من{[67277]} أسماء الله أو من أسماء الملائكة أو من أسماء الأنبياء ، أو من مثل{[67278]} الأشياء أو صور الموجودات ، أو من أنها أقسام أقسم بها أو فواتح عرفت بها{[67279]} السور أو{[67280]} أعداد تدل على حوادث وحظوظ من ظاهر الأمر أو{[67281]} باطنه على اختلاف رتب وأحوال ، مما أعطيه المنزل عليه صلى الله عليه وسلم من مقدار أمد الخلافة والملك والسلطنة ، وما ينتهي إليه أمره من ظهور الهداية ونحو ذلك مما يحيط بأمد يومه إلى غير ذلك وكل داخل في إحاطتها ، ولذلك أيضاً لا يختص بمحل مخصوص يلزمه علامة إعراب مخصوصة ، فمهما قدر{[67282]} في مواقعها من هذه السور{[67283]} جراً أو رفعاً أو نصباً فداخل في إحاطة رتبتها ولم يلزمها{[67284]} معنى خاص لما لم يكن لها انتظام ، لأنها{[67285]} مستقلات محيطات ، وإنما ينتظم {[67286]}ما يتم معنى{[67287]} كل واحد من المنتظمين بحصول الانتظام ، وذلك يختص من الكلم بما يقصر{[67288]} عن إحاطة مضمون الحروف حتى أنه متى{[67289]} وقع استقلال وإحاطة في كلمة لم يقع فيها انتظام{[67290]} .

ولما كان قوام هذا الوجود بالسيف والقلم ، وكان " نون " {[67291]} مشتركاً بين معان منها السيف والدواة التي هي آلة القلم ، واللوح الذي هو محل ما يثبت {[67292]}من العلم{[67293]} ، وكان السيف قد تقدم في حيز القاف الذي افتتحت به سورة " ق " كما هو أنسب لتضمنه{[67294]} القوة والقدرة والقهر{[67295]} في سورة الحديد بعد الوعظ والتهديد والتذكير بالنعم في السورة الواقعة بينهما ، ذكر هنا ما هو لحيز النون من آية العلم فقال مقسماً بعد حرف " ن " {[67296]} : { والقلم } أي قلم القدرة الذي هو أول ما أبدعه الله ، ثم قال له : اكتب ، فخط جميع الكائنات{[67297]} إلى يوم القيامة في اللوح المحفوظ حقيقة ، وفي ألواح صفحات الكائنات حالاً ومجازاً ، فأظهر جميع العلوم ، ثم ختم على فيه فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة ، والذي يكتب فيه{[67298]} الخلق ما نولهم الله من تلك المعارف والفهوم ، وذلك هو قوام أمور الدنيا ، والإشارة به إلى القضاء الذي هو من نتائج " ن " لأنه من مصنوعات{[67299]} الله الظاهرة التي اقتضت{[67300]} حكمته سبحانه إيجادها ووجهه إلى تفصيل ما جرى به الحكم .

ولما كان الحاصل بالقلم من بث الأخبار ونشر العلوم على تشعبها والأسرار ما يفوق الحصر ، فصار{[67301]} كأنه العالم المطيق واللسن المنطيق ، وكان المراد به الجنس أسند إليه كما يسند إلى{[67302]} العقلاء فقال : { وما يسطرون * } أي قلم القدرة ، وجمعه وأجراه مجرى أولي العلم للتعظيم لأنه فعل أفعالهم ، أو الأقلام على إرادة الجنس ، ويجوز أن يكون{[67303]} الإسناد إلى الكاتبين به لما دل عليهم من ذكره ، إما الملائكة إن كان المراد ما كتب في الكتاب المبين واللوح المحفوظ وغيره مما يكتبونه ، وإما كل من يكتب منهم ومن غيرهم حتى أصحاب الصحيفة الظالمة التي تقاسموا فيها على أن يقاطعوا بني هاشم ومن{[67304]} لافهم ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعون به ما شاؤوا ، وكيف ما كان فهو إشارة إلى المقدر {[67305]}لأنه إنما{[67306]} يسطر ما قضى به وحكم .


[1]:- هكذا ثبتت العبارة في النسخة المخزونة بالرباط – المراقش التي جعلناها أصلا وأساسا للمتن، وكذا في نسخة مكتبة المدينة ورمزها "مد" وموضعها في نسخة دار الكتب المصرية ورمزها "م": رب زدني علما يا فتاح.
[2]:- في م ومد: قال أفقر الخلائق إلى عفو الخالق؛ وفي الأصل: أبو إسحاق – مكان: أبو الحسن، والتصحيح من الأعلام للزركلي ج1 ص 50 وعكس المخطوطة أمام ص 56 وهامش الأنساب للسمعاني ج2 ص280.
[3]:- ضبطه في الأعلام بضم الراء وتخفيف الباء.
[4]:- ضبطه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على الأنساب ج2 ص280 وقال: البقاعي يكسر الموحدة وفتح القاف مخففة وبعد الألف عين مهملة بلد معروف بالشام ينسب إليه جماعة أشهرهم الإمام المفسر إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي أبو الحسن برهان الدين من أجلة أهل القرن التاسع له عدة مؤلفات ولد سنة 809 وتوفي سنة 885 – اهـ.
[5]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[6]:- في م ومد: لطف الله بهم أجمعين، إلا أن لفظ "اجمعين" ليس في مد. والعبارة من "وآله" إلى هنا ليست في نسخة المكتبة الظاهرية ورمزها "ظ".
[7]:- في م ومد وظ: برسالته.
[8]:- ليس في م ومد وظ.
[9]:- سورة 38 آية 29.
[10]:- في م وظ: اخرجه.
[11]:- ليس في م.
[67195]:- من ظ، وفي الأصل وم: شواهدهم.
[67196]:- زيد من ظ وم.
[67197]:- من ظ وم، وفي الأصل: موت.
[67198]:- من ظ وم، وفي الأصل: نفسه به.
[67199]:-من ظ وم، وفي الأصل: نفسه به.
[67200]:-من ظ وم، وفي الأصل: القلم.
[67201]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[67202]:- زيد من ظ وم.
[67203]:- زيد من ظ وم.
[67204]:- من ظ وم، وفي الأصل: وعلى النون.
[67205]:- من ظ وم، وفي الأصل: وعلى النون.
[67206]:- من ظ وم، وفي الأصل: علمه.
[67207]:- من ظ وم، وفي الأصل: وهو.
[67208]:- من ظ وم، وفي الأصل: "و".
[67209]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو أومع.
[67210]:- في م: ما.
[67211]:- زيد في الأصل: واللثة، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67212]:- زيد من ظ وم.
[67213]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل.
[67214]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل
[67215]:- من ظ وم، وفي الأصل: من الصفتين.
[67216]:- من ظ وم، وفي الأصل: من الصفتين.
[67217]:- من ظ وم، وفي الأصل: بياض.
[67218]:- من ظ وم، وفي الأصل: مما.
[67219]:- زيد من ظ وم.
[67220]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[67221]:- من ظ وم، وفي الأصل: يحسا.
[67222]:- من ظ وم، وفي الأصل: هو.
[67223]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل.
[67224]:- تكرر ما بين الرقمين في الأصل.
[67225]:- زيد من ظ.
[67226]:- زيد في الأصل: إظهار، لم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67227]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالحياة.
[67228]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالحياة.
[67229]:- من ظ وم، وفي الأصل: بل.
[67230]:- من م، وفي الأصل وظ "و".
[67231]:- من م، وفي الأصل وظ: من.
[67232]:- زيد من م.
[67233]:- في ظ وم: ملتبسا.
[67234]:- زيد من ظ وم.
[67235]:- من ظ وم، وفي الأصل: وفق.
[67236]:- من ظ وم، وفي الأصل: وفق.
[67237]:- راجع صحيح مسلم-كتاب الإيمان.
[67238]:- تكرر في الأصل فقط.
[67239]:- من ظ وم، وفي الأصل: تعالى.
[67240]:- من م، وفي الأصل: في اليد، وفي ظ: كانت هي الياء.
[67241]:- من ظ وم، وفي الأصل: بكهما.
[67242]:- زيد من ظ وم.
[67243]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[67244]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[67245]:- زيد في الأصل: قوام ظاهر كل ذال، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67246]:- من ظ وم، وفي الأصل: مرارا.
[67247]:- زيد من م.
[67248]:- من ظ وم، وفي الأصل: الصفتان.
[67249]:- من ظ وم، وفي الأصل: هذا.
[67250]:- زيد من ظ وم.
[67251]:- من ظ وم، وفي الأصل: القدح.
[67252]:- من ظ وم، وفي الأصل: حمل.
[67253]:زيد من ظ وم
[67254]:- من ظ وم، وفي الأصل: لزيادة.
[67255]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي.
[67256]:- من ظ وم، وفي الأصل: القهر والقوة.
[67257]:- من ظ وم، وفي الأصل: القهر والقوة.
[67258]:- زيد من ظ وم.
[67259]:- زيد من ظ وم.
[67260]:- من ظ وم، وفي الأصل: العالية.
[67261]:- من م، وفي الأصل: معالي، والعبارة من "ثنى" إلى "هي المفصل" ساقطة من ظ.
[67262]:- من م، وفي الأصل: معالي، والعبارة من "ثنى" إلى "هي المفصل" ساقطة من ظ.
[67263]:- من م، وفي الأصل: سيرة.
[67264]:- من ظ وم، وفي الأصل: المفروضات.
[67265]:- زيد في الأصل: مثلها وفي، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67266]:- زيد من ظ وم.
[67267]:- زيد في الأصل من مقتضى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67268]:- زيد في الأصل: المفصل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67269]:- من ظ وم، وفي الأصل: تيار.
[67270]:- زيد من ظ وم.
[67271]:- من م، وفي الأصل وظ: إقامتها.
[67272]:- زيد من ظ وم.
[67273]:- من ظ وم، وفي الأصل: للجامع الخاتم.
[67274]:- من ظ وم، وفي الأصل: للجامع الخاتم.
[67275]:- من ظ وم، وفي الأصل: مترتبها.
[67276]:- من م، وفي الأصل: من، والعبارة من "وترتبها" إلى "أسماء الله" ساقطة من ظ .
[67277]:- زيد من م.
[67278]:- من م، وفي الأصل: من، والعبارة من "وترتبها" إلى "أسماء الله" ساقطة من ظ .
[67279]:- من ظ وم، وفي الأصل: السورة و.
[67280]:- من ظ وم، وفي الأصل: السورة و.
[67281]:- من م، وفي الأصل و ظ "و".
[67282]:- زيد في الأصل: شك، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67283]:- من ظ وم، وفي الأصل: السورة.
[67284]:- من ظ وم، وفي الأصل: يكن منها.
[67285]:- من ظ وم، وفي الأصل: لأنه.
[67286]:- من ظ وم، وفي الأصل: معنى ما لا يتم.
[67287]:- من ظ وم، وفي الأصل: معنى ما لا يتم.
[67288]:- من ظ وم، وفي الأصل: يقتصر.
[67289]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[67290]:-زيد في الأصل: والله الهادي عنه للصواب، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67291]:- زيد من ظ وم.
[67292]:- من م، وفي الأصل وظ: القلم.
[67293]:- من م، وفي الأصل وظ: القلم.
[67294]:- من ظ وم، وفي الأصل: القهر والقوة.
[67295]:- من ظ وم، وفي الأصل: القهر والقوة.
[67296]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[67297]:- زيد في الأصل: على ما فيه،ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67298]:- من ظ وم، وفي الأصل: له.
[67299]:- من ظ وم، وفي الأصل: منصوبات.
[67300]:- من ظ وم، وفي الأصل: اختصت.
[67301]:-في م: فكان.
[67302]:- زيد من ظ وم.
[67303]:- زيد في الأصل: المراد، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67304]:- زيد من ظ وم.
[67305]:- من ظ وم، وفي الأصل: المقدور.
[67306]:- من ظ وم، وفي الأصل: مما.