غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

( سورة نون مكية حروفها ألف وأربعمائة وستة وخمسون ، كلمها ثلاثمائة ، آياتها اثنتان وخمسون ) .

1

التفسير : الأقوال المشتركة في فواتح نحو هذه السورة مذكورة . أما المخصوصة بالمقام فعن ابن عباس ومجاهد ومقاتل والسدى أن النون السمكة ، أقسم بالحوت الذي على ظهره الأرض وهو في بحر تحت الأرض السفلى ، أو بالحوت الذي احتبس يونس في بطنه ، أو بالحوت الذي لطخ سهم نمرود بدمه ، أقوال . عن ابن عباس في رواية الضحاك والحسن وقتادة أن النون هو الدواة . قال :

إذا ما الشوق برّح بي إليهم *** ألقت النون بالدمع السجوم

فيكون قسماً بالدواة والقلم العظيم النفع فيهما ، فإن التفاهم يحصل بالكتابة كما يحصل بالعبارة . وعن بعض الثقات أن أصحاب البحر يستخرجون من بعض الحيتان شيئاً أسود كالنفس أو أشد سواداً منه يكتبون منه ، فيكون النون وهو الحوت عبارة عن الدواة ، ويعضده ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أول شيء خلقه الله القلم ثم خلق النون وهو الدواة ، ثم قال اكتب ما هو كائن من عمل أو أثر أو رزق أو أجل ، فكتب ما هو كائن وما كان إلى يوم القيامة ، ثم ختم على القلم فلم ينطق إلى يوم القيامة " وعن معاوية بن قرة مرفوعاً أن النون لوح من نور تكتب الملائكة فيه يأمرهم الله به . وقيل : نهر في الجنة . اعترض النحويون على هذه الأقوال كلها ، أن اللفظ إن كان جنساً لزم الجر والتنوين وكذا إن كان علماً منصرفاً ، وإن كان علماً غير منصرف لزم الفتح بتقدير حرف القسم ، وقيل : النون آخر حرف من حروف الرحمنن فإنه يجتمع من الر وحم ون ، هذا الاسم الخاص . أما القلم فالأكثرون على أنه جنس أقسم الله سبحانه بكل قلم يكتب به في السماء وفي الأرض ، وقال آخرون : هو القلم المعهود الذي جاء في الخبر أن " أول ما خلق الله القلم " والجوهرة التي وردت في الحديث " أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فذابت وتسخنت فارتفع منها دخان وزبد ، فخلق من الدخان السماء ومن الزبد الأرض " كلها واحدة ولعلك قد وقفت على تحقيق هذه المعاني في هذا الكتاب . و " ما " في قوله : { وما يسطرون } موصولة أو مصدرية والضمير لكل من يسطر أو للحفظة . وقيل : أراد أصحاب القلم فحذف المضاف .

/خ51