النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة ن والقلم :

مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر . وقال ابن عباس : من أولها إلى قوله سبحانه { سنسمه على الخرطوم } مكي{[1]} ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى : { لو كانوا يعلمون } مدني{[2]} . ومن بعد ذلك إلى : { قوله يكتبون } مكي{[3]} . ومن بعد ذلك إلى قوله : { من الصالحين } مدني{[4]} وباقي السورة مكي{[5]} .

بسم الله الرحمان الرحيم

قوله تعالى { ن } فيه ثمانية أقوال :

أحدها : أن النون الحوت الذي عليه الأرض ، قاله ابن عباس من رواية أبي الضحى عنه ، وقد رفعه .

الثاني : أن النون الدواة ، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

الثالث : أنه حرف من حروف الرحمن ، قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه .

الرابع : هو لوح من نور ، رواه معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

الخامس : أنه اسم من أسماء السورة ، وهو مأثور .

السادس : أنه قسم أقسم اللَّه به ، وللَّه تعالى أن يقسم بما يشاء ، قاله قتادة .

السابع : أنه حرف من حروف المعجم .

الثامن : أن نون بالفارسية أيذون كن ، قاله الضحاك .

ويحتمل تاسعاً : إن لم يثبت به نقل أن يكون معناه : تكوين الأفعال والقلم وما يسطرون ، فنزل الأقوال جميعاً في قسمه بين أفعاله وأقواله ، وهذا أعم قسمة .

ويحتمل عاشراً : أن يريد بالنون النفْس ، لأن الخطاب متوجه إليها بغير عينها بأول حروفها ، والمراد بالقلم ما قدره اللَّه لها وعليها من سعادة وشقاء ، لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ .

أما { والقلم } ففيه وجهان :

أحدهما : أنه القلم الذي يكتبون به ، لأنه نعمة عليهم ومنفعة لهم ، فأقسم بما أنعم ، قاله ابن بحر .

الثاني : أنه القلم الذي يكتب به الذكر على اللوح المحفوظ ، قال ابن جريج :

هو من نور ، طوله كما بين السماء والأرض .

وفي قوله { وما يَسْطرون } ثلاثة أقاويل :

أحدها : وما يعملون ، قاله ابن عباس .

الثاني : وما يكتبون ، يعني من الذكر ، قاله مجاهد والسدي .

الثالث : أنهم الملائكة الكاتبون يكتبون أعمال الناس من خير وشر .


[1]:- ذكر العلماء لفاتحة الكتاب اثنى عشر اسما هي: فاتحة الكتاب وأم القرآن وأم الكتاب وسورة الصلاة وسورة الحمد والسبع المثاني والقرآن العظيم والشفاء والرقية والأساس والوافية والكافية، والحديث عند أبي داود رقم 1457 والترمذي رقم 3320.
[2]:- آية 4 الزخرف.
[3]:- قال بعض العلماء: إن "بسم الله الرحمن الرحيم" تضمنت جميع الشرع، لأنها تدل على الذات وعلى الصفات. وفي الحديث: كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر. و المعنى منزوع البركة.
[4]:- الخليل: ساقطة من ك.
[5]:- ما بين المعقوفين وهو هذه الصفة كلها ساقطة من نسخة ك وقد ذكرته نسخة ق وعلق ناسخها بقوله في الحاشية: من هنا (أي من وانشد) إلى: فأما قوله الله فهو أخص أسمائه، زيادة لم أجده في نسخة الأصل.