الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{نٓۚ وَٱلۡقَلَمِ وَمَا يَسۡطُرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

أخرج ابن الضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما شاء ، وكان أول ما نزل من القرآن ( اقرأ باسم ربك ) ثم ( المزمل ) ثم ( المدثر ) .

وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة { ن والقلم } بمكة .

أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه ، والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : إن أول شيء خلق الله القلم ، فقال له اكتب ، فقال : يا رب وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، فجرى من ذلك اليوم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، ثم طوي الكتاب وارتفع القلم ، وكان عرشه على الماء ، فارتفع بخار الماء ففتقت منه السموات ، ثم خلق النور فبسطت الأرض عليه ، والأرض على ظهر النون ، فاضطرب النون ، فمادت الأرض فأثبتت بالجبال ، فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة ، ثم قرأ ابن عباس { ن والقلم وما يسطرون } .

وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن أول ما خلق الله القلم والحوت قال : اكتب قال : ما أكتب ؟ قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة ، ثم قرأ { ن والقلم وما يسطرون } فالنون الحوت والقلم القلم » .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن مردويه عن عبادة بن الصامت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، فجرى بما هو كائن إلى الأبد » .

وأخرج ابن جرير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «{ ن والقلم وما يسطرون } قال : لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة » .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : إن الله خلق النون وهي الدواة ، وخلق القلم ، فقال : اكتب قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .

وأخرج الرافعي في تاريخ قزوين من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «النون اللوح المحفوظ والقلم من نور ساطع » .

وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن أول شيء خلق الله القلم ، ثم خلق النون ، وهي الدواة ، ثم قال له : اكتب قال : وما أكتب ؟ قال : ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، من عمل أو أثر أو رزق ، فكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وذلك قوله : { ن والقلم وما يسطرون } ثم ختم على في القلم فلم ينطق ، ولا ينطق إلى يوم القيامة ، ثم خلق الله العقل ، فقال : وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ولأنقصنك فيمن أبغضت » .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما { ن والقلم } قال : ن الدواة والقلم القلم .

وأخرج عن ابن عباس قوله : { ن } أشباه هذا قسم الله ، وهي من أسماء الله .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله : { ن } قالا : الدواة .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { ن } قال : هو الحوت الذي عليه الأرض .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : الحوت الذي تحت الأرض السابعة ، والقلم الذي كتب به الذكر .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم فأخذه بيمينه ، وكلتا يديه يمين ، وخلق النون ، وهي الدواة ، وخلق اللوح فكتب فيه ، ثم خلق السموات ، فكتب ما يكون من حينئذ في الدنيا إلى أن تكون الساعة من خلق مخلوق أو عمل معمول بر أو فجور ، وكل رزق حلال أو حرام رطب أو يابس .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : القلم نعمة من الله عظيمة ، لولا القلم ما قام دين ولم يصلح عيش ، والله أعلم بما يصلح خلقه .

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : { ن والقلم وما يسطرون } قال : خلق الله القلم فقال : اجر ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم خلق الحوت وهو النون ، فكبس عليها الأرض ثم قال : { ن والقلم وما يسطرون } .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { ن والقلم } قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «النون السمكة التي عليها قرار الأرضين ، والقلم الذي خط به ربنا عز وجل القدر خيره وشره ونفعه وضره { وما يسطرون } قال : الكرام الكاتبون » .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله : { وما يسطرون } قال : وما يكتبون .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة مثله .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { وما يسطرون } قال : وما يعملون .