تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

من أوصاف القيامة

{ وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع 18 يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور 19 والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير 20 * أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق 21 ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب 22 }

المفردات :

يوم الآزفة : يوم القيامة ، سمى بالآزفة لقربه ، يقال ، أزف الرحيل ، يأزف أزفا ، إذا قرب ، فهو من باب تعب .

الحناجر : الحلوق .

كاظمين : ممتلئين غمّا ، حال كونهم كاتمين مع الضيق .

حميم : قريب أو حبيب يهتم بالأمر .

ولا شفيع : صاحب شفاعة تقبل شفاعته .

التفسير :

18-{ وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } .

تعرض الآية مشهدا مؤثرا من مشاهد يوم القيامة ، فقد اشتد الهول بالظالمين ، وعظم الكرب وخرجت القلوب من أماكنها ، وتوقّفت في الحلقوم من شدة الهول ، فلم يتيسر لهم خروج القلوب وتمام الموت ، ولم تتيسّر لهم راحة البال ، واستقرار القلوب في أماكنها ، وقريب منه قول القرآن الكريم : { وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا } . ( الأحزاب : 10 ) .

وهو مجاز عن شدة الكرب الذي أصاب المؤمنين في غزوة الأحزاب .

ومعني الآية :

خوّف الكافرين الظالمين من أهوال يوم القيامة ، حيث تصعد القلوب من الهول إلى الرقبة ، ويقف الكافر في حالة من الغيظ والقهر ، قد كظم غيظه في قهر وإحباط ، ويئس من النجاة ، ولا أمل من قريب أو حبيب ، أو شفيع يطاع في شفاعته ، فلا شفاعة للمشركين في ذلك اليوم ، إذ لله الشفاعة جميعا ، وهؤلاء لم يعملوا عملا صالحا يستحقون به الشفاعة .

وفي معنى الآية قوله تعالى : { فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون } . ( الملك : 27 )

قال قتادة :

{ إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين . . . }

وقفت القلوب في الحناجر من الخوف ، فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها ، وكذلك قال عكرمة والسدّي وغير واحد {[619]} .


[619]:من تفسير ابن كثير 7/137، تحقيق سامي بن محمد سلامة، دار طيبة، المملكة العربية السعودية، الرياض ط 1997.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

قوله تعالى : " وأنذرهم يوم الآزفة " أي يوم القيامة . سميت بذلك لأنها قريبة ؛ إذ كل ما هو آت قريب . وأزف فلان أي قرب يأزف أزفا ، قال النابغة :

أزِفَ التَّرَحُّل غيرَ أن رِكَابَنَا *** لمَّا تَزَلْ برِحَالِنَا وكأنْ قَدِ

أي قرب . ونظير هذه الآية : " أزفت الآزفة " {[13365]} [ النجم : 57 ] أي قربت الساعة . وكان بعضهم يتمثل ويقول :

أزِفَ الرَّحيلُ وليس لي من زادِ *** غير الذنوب لِشِقْوَتِي ونَكَادِي

" إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين " على الحال وهو محمول على المعنى . قال الزجاج : المعنى إذ قلوب الناس " لدى الحناجر " في حال كظمهم . وأجاز الفراء أن يكون التقدير " وأنذرهم " كاظمين . وأجاز رفع " كاظمين " على أنه خبر للقلوب . وقال : المعنى إذ هم كاظمون . وقال الكسائي : يجوز رفع " كاظمين " على الابتداء . وقد قيل : إن المراد ب " يوم الآزفة " يوم حضور المنية . قاله قطرب . وكذا " إذ القلوب لدى الحناجر " عند حضور المنية . والأول أظهر . وقال قتادة : وقعت في الحناجر المخافة فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها ، وهذا لا يكون إلا يوم القيامة كما قال : " وأفئدتهم هواء " . وقيل : هذا إخبار عن نهاية الجزع ، كما قال : " وبلغت القلوب الحناجر " وأضيف اليوم إلى " الآزفة " على تقدير يوم القيامة " الآزفة " أو يوم المجادلة " الآزفة " . وعند الكوفيين هو من باب إضافة الشيء إلى نفسه مثل مسجد الجامع وصلاة الأولى . " ما للظالمين من حميم " أي من قريب ينفع " ولا شفيع يطاع " فيشفع فيهم .


[13365]:آية 57 من سورة النجم.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَأَنذِرۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡأٓزِفَةِ إِذِ ٱلۡقُلُوبُ لَدَى ٱلۡحَنَاجِرِ كَٰظِمِينَۚ مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ} (18)

{ وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع }

( وأنذرهم يوم الآزفة ) يوم القيامة من أزف الرحيل : قرب ( إذا القلوب ) ترتفع خوفاً ( لدى ) عند ( الحناجر كاظمين ) ممتلئين غماً حال من القلوب عوملت بالجمع بالياء والنون معاملة أصحابها ( ما للظالمين من حميم ) محب ( ولا شفيع يطاع ) لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلاً " فما لنا من شافعين " أوله مفهوم بناء على زعمهم أن لهم شفعاء ، أي لو شفعوا فرضاً لم يقبلوا .