أف لكما : صوت يصدر عن المرء عند تضجره .
خلت القرون من قبلي : مضت الأزمان ولم يخرج منها أحد .
يستغيثان الله : يلجأن إلى الله أن يدفع الكفر عن ولدهما .
ويلك : هلاكا لك ، والمراد هنا الحث والتحريض على الإيمان ، لا حقيقة الدعاء بالهلاك .
أساطير الأولين : أباطيلهم التي سطروها في الكتب من غير أن يكون لها حقيقة .
17- { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } .
زعم مروان بن الحكم أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر ، وقد ردت عليه أم المؤمنين عائشة ، والحق ما قالته رضي الله عنها ، فإن عبد الرحمن بن أبي بكر هداه الله للإسلام والإيمان ، وهذا النموذج توعده الله بالعذاب في جهنم ، والآية عامة في كل كافر يكذب بالبعث ويسخر من الحساب .
هذا الابن العاق لوالديه ولدينه ولربه ، فهو يتضجر ويتأفف ، ويتألم من دعوة والديه له إلى الإيمان ، ويقدم حججا واهية ، حيث يقول لهما :
{ أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي . . . }
أي : أتذكرانني بالبعث والحشر والجزاء ، مع أن طبقات متعددة من البشر قد ماتت ولم تعد إلينا ، ولم يخبرنا أحد ممن ماتوا إن كان في جنة أو في نار .
والله تعالى لا يعجل لعجلة العباد ، ولا يحيى الموتى بعد قرون معينة ، بل يترك الدنيا وأهلها إلى انتهاء أجلها ، ثم يبعث الناس جميعا مرة واحدة ، فإذا نفخ إسرافيل في الصور صعق الناس جميعا وماتوا ، ثم إذا نفخ مرة أخرى قاموا للبعث والحساب والجزاء .
{ وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق . . . }
أي : وهما يستعظمان قوله وكفره ، ويتضرعان إلى الله تعالى لهدايته ، ويحذرانه من الكفر والجحود ، ويستحثانه على الإيمان والهداية فيكون جوابه لهما .
{ ما هذا إلا أساطير الأولين } .
ما هذه الأفكار التي تقولانها عن البعث والحشر والحساب والجزاء ، وضرورة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، إلا أكاذيب السابقين ، وليس لهذه الأفكار ظل من الحقيقة .
{ 17-19 } { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ * وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }
لما ذكر تعالى حال الصالح البار لوالديه ذكر حالة العاق وأنها شر الحالات فقال : { وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ } إذ دعواه{[783]} إلى الإيمان بالله واليوم الآخر وخوفاه الجزاء .
وهذا أعظم إحسان يصدر من الوالدين لولدهما أن يدعواه إلى ما فيه سعادته الأبدية وفلاحه السرمدي فقابلهما بأقبح مقابلة فقال : { أُفٍّ لَكُمَا } أي : تبا لكما ولما جئتما به .
ثم ذكر وجه استبعاده وإنكاره لذلك فقال : { أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ } من قبري إلى يوم القيامة { وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي } على التكذيب وسلفوا على الكفر وهم الأئمة المقتدى بهم لكل كفور وجهول ومعاند ؟ { وَهُمَا } أي : والداه { يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ } عليه ويقولان له : { وَيْلَكَ آمِنْ } أي : يبذلان غاية جهدهما ويسعيان في هدايته أشد السعي حتى إنهما -من حرصهما عليه- أنهما يستغيثان الله له استغاثة الغريق ويسألانه سؤال الشريق ويعذلان ولدهما ويتوجعان له ويبينان له الحق فيقولان : { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } ثم يقيمان عليه من الأدلة ما أمكنهما ، وولدهما لا يزداد إلا عتوا ونفورا واستكبارا عن الحق وقدحا فيه ، { فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } أي : إلا منقول من كتب المتقدمين ليس من عند الله ولا أوحاه الله إلى رسوله ، وكل أحد يعلم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أمي لا يكتب ولا يقرأ ولا تعلم من أحد ، فمن أين يتعلمه ؟ وأنى للخلق أن يأتوا بمثل هذا القرآن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ؟ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.