{ إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ والنصارى والصابئين } ، قال ابن عباس في رواية أبي صالح : إن الذين آمنوا وهم قوم كانوا مؤمنين بموسى والتوراة ولم يتهودوا ولم يتنصروا . والنصارى : الذين تركوا دين عيسى وَتسَمَّوْا بالنصرانية . واليهود الذين تركوا دين موسى وتسمَّوا باليهودية . والصابئين : هم قوم من النصارى ألين قولاً منهم .
{ مَنْ آمَنَ } من هؤلاء { بالله واليوم الاخر وَعَمِلَ صالحا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ } أي ثوابهم . قال مقاتل : { إِنَّ الذين آمَنُواْ } ، أي صدقوا بتوحيد الله ، { ومن آمن } من الذين هادوا ومن النصارى والصابئين فلهم أجرهم عند ربهم . وقال القتبي : قوله : { إِنَّ الذين آمَنُواْ } هم قوم آمنوا بألسنتهم ولم يؤمنوا بقلوبهم ، فكأنه قال : إن المنافقين والذين هادوا والنصارى والصابئين . ويقال : اليهود سموا يهوداً بقول موسى عليه السلام { واكتب لَنَا فِي هذه الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عذابي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزكاة والذين هُم بآياتنا يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 156 ] . ويقال : اشتقاقه من الميل من هاد يهود ، إذا مال عن الطريق . وأما النصارى قال بعضهم : سموا أنفسهم نصارى بقول عيسى عليه السلام : { فَلَمَّا أَحَسَّ عيسى مِنْهُمُ الكفر قَالَ مَنْ أنصاري إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله آمَنَّا بالله واشهد بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [ آل عمران : 52 ] ويقال : لأنهم نزلوا إلى قرية يقال لها ناصرة ، فتواثقوا على دينهم فسموا نصارى . وأما الصابي فهو من صبا يصبو إذا مال . ويقال : من صبأ يصبأ ، إذا رفع رأسه إلى السماء لأنهم يعبدون الملائكة .
قرأ نافع و { الصابين } بغير همز من صبا يصبو ، إذا خرج من دين إلى دين . وقرأ الباقون بالهمز من صبأ يصبأ ، إذا رفع رأسه إلى السماء . واختلف العلماء في حكم الصابئين ، فقال بعضهم : حكمهم كحكم أهل الكتاب في أكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم ، وهو قول أبي حنيفة ، لأنهم قوم بين النصرانية واليهودية يقرؤون الزبور ؛ وقال بعضهم : هم بمنزلة المجوس لا يجوز أكل ذبائحهم ولا مناكحة نسائهم ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله لأنهم يعبدون الملائكة فصار حكمهم حكم عبدة النيران .
وقوله تعالى :{ من آمن بالله واليوم الآخر } ولم يذكر في الآية الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه لما ذكر الإيمان بالله تعالى فقد دخل فيه الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا يكون مؤمناً بالله تعالى ما لم يؤمن بجميع ما أنزل الله تعالى على محمد وعلى جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فكأنه قال : من آمن بالله وبما أنزل على جميع أنبيائه وصدق باليوم الآخر وَعَمِلَ صالحا ، أي أدى الفرائض ، { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ } ، يعني لهم ثواب أعمالهم في الآخرة { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلهم من العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفوا من الدنيا . ويقال : ليس عليهم خوف النار ولا حزن الفزع الأكبر . فإن قيل : فيه ذكر من آمن بالله بلفظ الوحدان ، ثم قال { فلهم أجرهم } ولم يقل : فله أجره ، قيل له : لأنه انصرف إلى ما سبق ذكره وهو الجماعة فمرة يذكر بلفظ الوحدان لاعتبار اللفظ ومرة بلفظ الجمع لاعتبار المعنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.