تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (26)

المفردات :

أنزلنا عليكم : أعطيناكم ووهبنا لكم ، على حد قوله تعالى : وأنزلنا الحديد بمعنى : خلقنا لكم الحديد .

يواري سوآتكم : يستر ويواري عوراتكم .

ريشا : لباس زينة او مالا .

لباس التقوى : الإيمان وثمراته .

التفسير :

يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم . . . الآية .

لما ذكر القرآن في آيات سابقة أن معصية آدم تسببت في ظهور عورته ، وخصف الورق عليها ، وكذلك حواء ، أتبع ذلك بذكر فضل الله على بني آدم ، حيث ألهم الإنسان أن يزرع الأرض ، ويستنبط بعقله وفكره أسباب ستره ، ثم أسباب الزينة والرياش من الملابس الفاخرة ، ثم أنزل الله على الإنسان الكتب ، وأرسل له الرسل ؛ ليهديه إلى لباس التقوى والإيمان ، وكل ذلك من آيات الله وفضله على الإنسان ؛ حتى يتذكر الإنسان هذه النعم فيعترف لله تعالى بالشكر وبالعبادة .

قال الشوكاني في تفسيره فتح القدير :

تذكروا واعتبروا بما أنزل اله عليكم من مادة اللباس ، وذلك من الصوف والقطن والحرير وما إليها ، وبما ألهمكم وخلق فيكم من الغرائز ؛ لمعرفة طرق استنباتها وصناعتها بالغزل والنسيج والخياطة وسائر أنواع صناعة الملابس .

وقد امتن الله بها على بني آدم ؛ ليستر عوراتهم التي أبدأها لهم إبليس .

وريشا : المراد بالريش هنا : لباس الزينة ، أي : إن الملابس التي ألهم الله بني آدم اتخاذها حكمتها الستر والزينة .

ولباس التقوى ذلك خير . لباس التقوى هو لباس الإيمان والعمل الصالح والورع واتقاء معاصي الله والخشية من الله ، فذلك خير لباس وأجمل زينة ، وقيل : هو الدرع والمغفر الذي يلبسه من يجاهد في سبيل الله ( 38 ) .

ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون .

أي : ذلك أنزله الله على بني آدم من النعم من دلائل قدرته وإحسانه عليهم ، لعلهم بعد ذلك لا يعودون إلى النسيان الذي أوقع أبويهم في المعصية .