سورة   الأعراف
 
مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (26)

{ يابَنِي ءادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا } جعل ما في الأرض منزلاً من السماء لأن أصله من الماء وهو منها { يوارى سَوْءاتِكُمْ } يستر عوراتكم { وَرِيشًا } لباس الزينة استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته أي أنزلنا عليكم لباسين : لباساً يواري سوءاتكم ولباساً يزينكم { وَلِبَاسُ التقوى } ولباس الورع الذي يقي العقاب وهو مبتدأ وخبره الجملة وهي { ذلك خَيْرٌ } كأنه قيل : ولباس التقوى هو خير لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر ، أو { ذلك } صفة للمبتدأ و { خَيْرٌ } خبر المبتدأ كأنه قيل : ولباس التقوى المشار إليه خير ، أو { لِبَاسَ التقوى } خبر مبتدأ محذوف أي وهو لباس التقوى أي ستر العورة لباس المتقين ، ثم قال { ذلك خَيْرٌ } وقيل : ولباس أهل التقوى من الصوف والخشن .

{ وَلِبَاسُ التقوى } مدني وشامي وعلي عطفا على { لِبَاساً } أي وأنزلنا عليكم لباس التقوى { ذلك مِنْ ءايَاتِ الله } الدالة على فضله ورحمته على عباده يعني إنزال اللباس { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } فيعرفوا عظيم النعمة فيه ، وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوءات وخصف الورق عليها إظهاراً للمنة فيما خلق من اللباس ، ولما في العري من الفضيحة وإشعاراً بأن التستر من التقوى .