الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (26)

قوله سبحانه : { يا بني ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يواري سوءاتكم }[ الأعراف :26 ] .

خِطَابٌ لجميع الأمم وَقْتَ النبي صلى الله عليه وسلم ، والسَّبَب والمراد : قريش ، ومَنْ كان مِنَ العَرَبِ يتعرَّى في طَوَافِهِ بالبيت .

قال مجاهد : ففيهم نَزَلَتْ هذه الأربع آيات .

وقوله : { أَنزَلْنَا } يحتمل التَّدْرِيجَ أَي : لما أنزل المَطَر ، فكان عنه جميع ما يلبس ، ويحتمل أن يريد ب { أَنزَلْنَا } خلقنا ، كقوله : { وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأنعام ثمانية أزواج } [ الزمر : 6 ] ، { وَأَنزَلْنَا الحديد } [ الحديد : 25 ] و{ لِبَاساً } عام في جميع ما يُلْبَسُ ، و { يواري }[ الأعراف :26 ] : يستر .

وقرأ الجمهور : { وريشاً } ، وقرأ عاصم ، وأبو عمرو { وريشاً } وهما عِبَارَتَانِ عن سَعَةِ الرزق ، ورفاهة العَيْشِ ، وَجَوْدَةِ الملبس والتمتع .

وقال البخاري : قال ابن عباس : وريشاً : المال انتهى .

وقرأ نافع ، وغيره : { ولباسَ } بالنصب .

وقرأ حمزة ، وغيره بالرفع ، وقوله : { ذلك مِنْ آيات الله } إشارة إلى جَمِيعِ ما أنزل اللَّه من اللِّبَاسِ والرِّيشِ ، وحكى النَّقَّاشُ : أن الإِشَارَةَ إِلى لِبَاسِ التَّقوى ، أي : هو في العبد آية ، أي : علامة وأمارة من اللَّه تعالى ، أنه قد رَضِيَ عنه ، ورحمه .

وقال ابن عَبَّاسٍ : لباس التقوى هو السَّمْتُ الحَسَنُ في الوَجْهِ ، وقاله عثمان بن عفان على المنبر .

وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً : هو العَمَلُ الصالحَ .

وقال عُرْوَةُ بن الزبير : هو خَشْيَةُ اللَّه ، وقيل : هو لباس الصوف ، وكل ما فيه تواضع لله عز وجل .

وقال الحَسَنُ : هو الوَرَعُ ، وقال معبد الجهني : هو الحَيَاءُ ، وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً : لِبَاسُ التقوى العفة .

قال ( ع ) وهذه كلها مثل ، وهي من لباس التقوى ، و{ لَعَلَّهُمْ } تَرَجٍّ بحسبهم ، ومبلغهم من المعرفة .