أحدهما : أنَّهُ تعالى لما بيَّنَ أنَّهُ أمر آدم وحوَّاءَ بالهُبُوطِ إلى الأرض ، وجعل الأرض لهما مُسْتَقَرّاً بين بعده أنَّهُ تعالى أنزل كلَّ ما يحتاجون إليه في الدُّنْيَا ، ومن جملة ما يُحتاج إليه في الدِّين والدُّنيا اللِّباس{[15954]} .
والثاني : أنَّهُ تعالى لمّا ذكر واقعة آدم في انكشاف العَوْرَةِ ، وأنَّهُ كان يخصف الورق على عَوْرَتَيْهِمَا ، أتبعه بأن بيَّنَ أنَّهُ خلق اللِّباسَ للخلق ، ليستروا به عَوْرَتَهُم ، ونبه بتكون الأشياء التي يَحْصُلُ منها اللِّبَاسُ ، فصار كأنَّهُ تعالى أنزل اللِّباسَ أي : أنزل أسْبَابَهُ ، فعبَّر بالسَّبَبِ عن المُسَبِّبِ .
وقيل : معنى " أنْزَلْنَا " أي : خلقنا لكم .
وقيل : كلُّ بَرَكاتِ الأرضِ منسوبةٌ إلى السَّماءِ كقوله تعالى : { وَأَنزْلْنَا الحديد } [ الحديد : 25 ] وإنَّما يُسْتَخْرَجُ الحديدُ من الأرْضِ ، وقوله : { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ الزمر : 6 ] .
وسبب نزول هذه الآية أنَّهُم كانُوا يطوفون بالبَيْتِ عُرَاةً ، ويقولون : لا نطوفُ في ثياب عصينا الله فيها ، فكان الرِّجالُي يطوفون بالنَّهارِ ، والنِّسَاءُ باللَّيْلِ عراة{[15955]} . قال قتادة : كانت المرأة تطوف ، وتضع يَدَهَا على فَرْجِهَا ، وتقول : [ الرجز ]
أَليَوْمَ يَبْدُوا بَعْضُهُ أوْ كُلُّهُ *** وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أحِلُّهُ
فأمر اللَّهُ تعالى بالسَّتْرِ فقال : { قد أنزلنا عليكم لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ }{[15956]} يستر عوراتِكُم ، واحدتها سَوْءَةُ ، سمِّيت بها ؛ لأنَّهُ يسوءُ صاحبه انكشافُهَا ، فلا يطوف عارياً .
قوله : " يُوَارِي " : في محلِّ نصبٍ صفة ل " لِبَاساً " .
وقوله : " وَرِيشاً " يحتملُ أن يكون من باب عَطْفِ الصِّفاتِ ، والمعنى : وصف اللِّبَاسِ بشيئين : مواراة السَّوْءَةِ ، وعبَّر عنها بالرِّيشِ لأنَّ الرِّيشَ زينة للطَّائِر ، كما أنَّ اللَّباسَ زينة للآدميِّين ، ولذلك قال الزَّمَخْشَرِيُّ{[15957]} : " والرِّيشُ لباسُ الزِّنة ، استعير من ريش الطَّيْرِ ؛ لأنَّهُ لباسه وزينته " .
ويحتمل أن يكون من باب عطف الشَّيءِ على غيره أي : أنْزَلْنَا عليكم لباسين ، لباساً موصوفاً بالمُواراةِ ، ولِبَاساً موصوفاً بالزِّينةِ ، وهذا اختيارُ الزَّمَخْشَرِيِّ ، فإنَّهُ قال بعد ما حَكَيْتُه عنه آنفاً : " أي : أنزلنا عليكم لباسَيْن ، لباساً يُواري سَوْءاتكم ، ولباساً يُزَيِّنُكُم ؛ لأنَّ الزَّينةَ غرضٌ صحيحٌ كما قال تعالى : { لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } [ النحل : 8 ] { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } [ النحل : 6 ] وعلى هذا ، فالكلامُ في قوة حذف موصوف ، وإقامةِ صفته مُقامه ، والتَّقْديرُ : ولباساً ريشاً أي : ذا ريش " .
قال القُرْطُبِيُّ{[15958]} : استدلَّ كثر من العلماء بهذه الآيةِ على وجوب ستر عَوْرَاتهم ، وذلك يدلُّ على الأمر بالسَّتْر ، ولا خلاف في وجوب سَتْرِ العَوْرَةِ .
واختلفوا في العَوْرَةِ ما هي ؟ فقال ابْنُ أبي ذئْبٍ : هي القُبُلُ والدُّبُرُ فقط ، وهو قول أهْلِ الظَّاهِر ، وابن أبي عَبْلة والطَّبْرِيِّ لقوله تعالى : { لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ } ، وقوله : { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا } [ الأعراف : 22 ] ، وقوله : { لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهُما } [ الأعراف : 27 ] .
وفي البخاريِّ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حَسَرَ الإزار عن فَخِذِهِ حَتّى إنِّي أنْظُرُ إلى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم .
وقال مالكٌ : " ليست السُّرَّة بِعَوْرَةٍ ، وأكره له أنْ يَكْشِفَ فَخذَهُ " .
وقال الشافعيُّ : " ليست السُّرَّة ولا الركبتان من العورة على الصحيح " .
وقال أبُو بَكْر بْنُ عبْدِ الرَّحمْنِ بْنِ الحارث بن هشام : " كلُّ شيء من الحرة عورةٌ ، حتى ظَّفِّرهَا ، وهو حسن " .
وعن أحْمَد بْنِ حَنْبلٍ : " وعورة الأمَةِ ما بين السُّرَّة والرُّكبة وأم الولدِ أغلظ حالاً من الأمَةِ " .
أحدهما : أنه اسم لهذا الشَّيءِ المعروف .
والثاني : أنَّهُ مصدرٌ يقال : راشه يريشه رِيشاً إذا جعل فيه الرِّيشَ ، فينبغي أنْ يكون الريش مُشْتَركاً بين المصدر والعينِ ، وهذا هو التَّحقيق .
وقرأ عثمانُ{[15959]} وابن عبَّاسٍ والحسنُ ومجاهدٌ وقتادةُ والسُّلميُّ وعليُّ بْنُ الحسيْنِ وابنه زيْدً ، وأبو رجَاء ، وزرُّ بْنُ حبيشٍ وعاصمٌ ، وأبُو عَمْروا - في رواية عنهما - : " وَرِيَاشاً " ، وفيها تأويلان :
أحدهما - وبه قال الزَّمَخْشَرِيُّ {[15960]}- : أنَّهُ جمعُ رِيْش ، فيكون كشِعْب وشِعابٍ ، وذِئْبٍ وذئَابٍ ، وقِدْحٍ وقِدَاحٍ .
والثاني : أنَّه مصدر أيضاً ، فيكون رِيشٌ وِرِيَاشٌ مصدرين ل " رَاشَهُ اللَّهُ ريشاً ورِيَاشاً " أي : أنْعَمَ عليه .
وقال الزجاجُ{[15961]} : " هما اللِّبَاسُ ، فعلى هذا هما اسمان للشَّيْءِ المَلْبُوسِ ، كما قالوا : لِبْسٌ ولباسٌ " .
وجوَّز الفراء{[15962]} أن يكون " رِيَاش " جمع " رِيش " ، وأن يكون مصدراً فأخذ الزَّمَخْشَرِيُّ بأحد القولين ، وغيرُه بالآخر ، وأنشدوا قول الشاعر : [ الوافر ]
وَرِيشِي مِنْكُمُ وَهَوَايَ مَعْكُمْ *** وَإنْ كَانَتْ زِيَارتُكُمْ لِمَامَا{[15963]}
روى ثَعْلَبٌ عن ابن الأعرابي قال : " كُلُّ شيءٍ يعيشُ به الإنسانُ ، من متاع ، أو مال ، أو مأكول ، فهو ريشٌ{[15964]} ورِيَاشٌ " وقال ابن السكِّيتِ : " الرِّيَاشُ مختص بالثِّيابِ ، والأثاثِ ، والرِّيش قد يُطلق على سَائِرِ الأمْوالِ{[15965]} " .
قال ابنُ عباسِ ومجاهدٌ والضَّحاكُ والسُّدِّيُّ : " وريشاً يعني مالاً ، يقال تريش الرَّجُل إذا تَمَوَّلَ{[15966]} " .
وقيل : الرِّيشُ : الجمالُ كام تقدَّم أي : ما يتجملون به من الثِّيابِ .
وقوله : { وَلِبَاسُ التقوى } .
قرأ نافعٌ{[15967]} وابن عامرٍ والكسائيُّ : " لباسَ " بالنَّصْبِ ، والباقون بالرَّفْعِ . فالنَّصْبُ نَسَقاً على " لِبَاساً " أي : أنزلنا لِبَاساً مُوارِياً وزينة ، وأنزلنا أيضاً لِبَاس التَّقْوَى ، وهذا يُقَوِّي كَوْنَ " رِيشاً " صفة ثانية ل " لِبَاساً " الولى إذْ لو أراد أنَّهُ صفة لِبَاسٍ ثانٍ لأبرز موصوفه ، كما أبْرَزَ هذا اللِّبَاسَ المضاف للتَّقْوَى .
وأما الرَّفْعُ فمن خَمْسَةِ أوْجُهٍ :
أحدها : أن يكون " لِبَاس " مبتدأ ، و " ذلك " مبتدأ ثان و " خير " خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأوَّلِ ، والرَّابِطُ هنا اسم الإشارة ، وهو أحد الرَّوابِطِ الخَمْسَةِ المتفق عليها ، ولنا رابط سَادِسٌ ، فيه خلاف تقدَّم التنبيه عليه .
وهذا الوَجْهُ هو أوْجَهُ الأعَارِيبِ في هذه الآية الكريمة .
الثاني : أن يكون " لِبَاس " خبر مبتدأ محذوف أي : وهو لِبَاسُ ، وهذا قول أبي إسحاق{[15968]} ، وكأنَّ المعنى بهذه الجملة التَّفسيرُ لِلبَاس المتُقدم ، وعلى هذا ، فيكونُ قوله " ذَلِكَ " جملة أخرى من مبتدأ وخبر .
وقدَّره مكي{[15969]} بأحسن من تَقْدير الزَّجَّاجِ فقال : " وسَتْر العورة لباس التَّقْوَى " .
الثالث : أن يكون " ذلك " فَصْلاً بين المبتدأ وخبره ، وهذا قَوْلُ الحوفيِّ ، ولا نعلم أنَّ أحداً من النُّحَاةِ أجَازَ ذلك ، إلاَّ أنَّ الواحِدِيَّ قال : [ ومن قال ] إن ذلك لَغْوٌ لم يكن على قوله دلالة ؛ لأنَّهُ يجوز أن يكون على أحد ما ذكرنا .
قال شهابُ الدِّين{[15970]} : " فقوله " لَغْوٌ " هو قريب من القول بالفَصْلِ ، لأنَّ الفَصْلَ لا محلَّ له من الإعرابِ على قول جمهور النَّحويين من البصريين والكوفيين .
الرابع : أن يكون " لِبَاس " مبتدأ و " ذلك " بَدَلٌ منه ، أو عطف بيان له ، أو نعت ، و " خيرٌ " خبره ، وهو معنى قول الزَّجَّاجِ وأبِي عليٍّ{[15971]} ، وأبِي بَكْرِ بْنِ الأنْبَاريِّ ، إلا أنَّ الحُوفي قال : وأنا أرى ألاَّ يكون " ذلك " نعتاً ل " لِبَاسُ التَّقْوَى " ؛ لأنَّ الأسْمَاء المبهمة أعرف ما فيه الألف واللاَّم ، وما أضيف إلى الألف واللاَّمِ ، وسبيل النَّعْتِ أن يكون مُسَاوِياً للمنعوت ، أو أقَلَّ منه تَعْرِيفاً ، فإنْ كان قد تقدَّم قول أحدٍ به فهو سهوٌ .
قال شهابُ الدِّين{[15972]} : أمّا القَوْلُ به فقد قيل كما ذَكَرْتُه عن الزَّجَّاج والفارسي وابن الأنْبَارِيّ ، ونصَّ عليه أبُو عليٍّ في " الحُجَّةِ " ، أيضاً وذكره الوَاحِدِيُّ .
وقال ابن عطيَّة : " هو أنبل الأقوال " .
وذكر مكيٌّ{[15973]} الاحتمالات الثلاثة : أعني كَوْنَهُ بَدَلاً ، أو بياناً ، أو نعتاً ، ولكن ما بحثه الحُوفِيُّ صحيحٌ من حيث الصِّناعةِ ، ومن حيثُ إنَّ الصَّحيحَ في ترتيب المعارف ما ذكر من كون الإشارات أعرف من ذي الأداة ؛ ولكن قد يُقَالُ : القائلُ بكونه نَعْتاً لا يجعله أعرف من ذِي الألِفِ واللام .
الخامس : جوَّز أبُو البقاءِ{[15974]} أن يكون " لِبَاسُ " مبتدأ ، وخبره محذوف أي : ولباسُ التَّقْوى ساتر عوراتكم وهذا تَقْدِيرٌ لا حاجَةَ إلَيْهِ .
وإسنادُ الإنزالِ إلى اللِّبَاسِ : إمَّا لأنَّ " أنْزَلَ " بمعنى " خَلَقَ " كقوله : { وَأَنزَلْنَا الحديد } [ الحديد : 25 ] { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ الزمر : 6 ] ، وإمَّا على ما يسمِّيه أهل العلم التدريج ، وذلك أنَّهُ ينزِّلُ أسْبَابَهُ ، وهي الماء الذي هو سَبَبٌ في نبات القُطْنِ والكتَّانِ ، والمَرْعى الذي تَأكُلُه البَهَائِمُ ذوات الصُّوف والشَّعَرِ ، والوَبَرِ التي يُتَّخَذُ منها الملابِسُ ؛ ونحوه قول الشاعر : [ الرجز ]
أقْبَلَ في المُسْتَنِّ مِنْ سَحَابَهْ *** أسْنِمَةُ الآبَالِ فِي رَبَابَهْ{[15975]}
فجعله جَائِياً للأسنمة التي للإبل مجازاً لمَّا كان سبباً في تربيتها ، وقريب منه قول الآخر : [ الوافر ]
إذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بأرْضِ قَوْمٍ *** رَعَيْنَاهُ وإنْ كَانُوا غَضَابَا{[15976]}
وقال الزَّمَخْشَريُّ{[15977]} : جَعَلَ ما في الأرض منزَّلاً من السماء ؛ لأنَّهُ قضي ثَمَّ وكتب ، ومنه { وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الأنعام ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ } [ الزمر : 6 ] .
وقال ابن عطيَّة{[15978]} : " وأيضاً فَخَلْقُ اللَّه وأفعاله ، إنَّما هي من علوٍ في القَدْر والمنزلة " ، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه أول الآية .
وفي قراءة عبد{[15979]} الله وأبَيّ " ولِبَاسُ التَّقْوى خَيْرٌ " بإسقاط " ذلك " وهي مقوِّية للقول بالفصل والبدلِ وعَطْفِ البَيَانِ .
وقرأ النَّحْوِيُّ{[15980]} : " ولبُوسُ " بالواو ورفع السِّين . فأمَّا الرَّفع ُفعلى ما تقدَّم في " لباس " ، وأمَّا " لبُوسُ " فلم يعينوها : هل هي بفتح اللام فيكون مثل قوله تعالى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ } [ الأنبياء : 80 ] ؟ أو بضمِّ اللاَّم على أنَّهُ جمع ؟ وهو مشكل ، وأكثر ما يُتَخَيَّل له أن يكون جمع لِبْسٍ بكسر اللام بمعنى مَلْبُوسٍ .
قوله : { ذلك مِنْ آيَاتِ الله } مبتدأ وخبر ، والإشارةُ به إلى جميع ما تقدَّم من إنزال اللِّبَاسِ والرِّيش ولباس التَّقْوَى .
وقيل : بل هو إشارة لأقرب مذكور ، وهو لباسِ التقوى فقط .
فصل في المراد ب " لباس التقوى "
اختلفوا في لباس التَّقْوَى ، فقيل : هو نَفْسُ المَلْبُوسِ ، وقيل : غيره . وأما الأوَّلُ ففيه{[15981]} وجوه :
أحدها : هو اللِّبَاسُ المواري للسَّوْءَةِ ، وإنَّما أعادَهُ اللَّهُ لأجْلِ أن يخبر عنه بأنَّهُ خير ؛ لأنَّ أهل الجاهليَّةِ كانوا يَتَعَبَّدُونَ بالعري في الطَّوافِ بالبَيْتِ ، فجرى هذا التَّكْرير مجرى قول القائل : " قد عرَّفْتُكَ الصِّدق في أبواب البرِّ ، والصِّدْقُ خيرٌ لك من غيره " ، فيعيد ذكر الصِّدق لِيُخبرَ عنه بذلك المعنى .
وثانيها : لِبَاسُ التَّقْوَى هو الدُّرُوعُ والجواشن{[15982]} والمَغَافِرُ ، وما يُتقى به في الحرُوبِ .
وثاليها : لِبَاسُ التَّقْوَى ما يُلبس لأجْلِ إقامَةِ الصَّلاةِ .
ورابعها : هو الصُّوفُ والثِّيَابُ الخَشِنَةُ التي يلبسها أهل الورع .
وأمَّا القَوْلُ الثَّانِي ، فيحمل لباسُ التَّقْوَى على المَجَازِ .
وقال قتادةُ والسُّدِّيُّ وابن جُرَيْج : هو الإيمانُ .
وقال ابن عباس : هو العَمَلُ الصَّالِحُ{[15983]} .
وقال عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ والكلْبِيُّ : السَّمْتُ الحَسَنُ{[15984]} .
وقال الكَلْبِيُّ : العفافُ والتَّوحيدُ ؛ لأنَّ المؤمنَ لا تبدو عورته وإن كان عَارياً من الثِّيابِ ، والفَاجِرُ لا تزالُ عورته مَكْشُوفَة وإن كان كاسياً{[15985]} .
وقال عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ : هو خشية الذّم .
وقال الحَسَنُ وسعيدٌ : هو الحياء ؛ لأنَّهُ يَبْعَثُ على التَّقْوَى{[15986]} .
وإنما حمل لفظ اللِّباس على هذه المجازات ؛ لأنَّ اللِّباسَ الذي يفيد التقوى ليس إلاّ هذه الأشياء .
وقوله : " ذَلِكَ خَيْرٌ " قال أبُو عليٍّ الفارِسِيُّ{[15987]} : معناه : ولباس التقوى خير لصاحبه إذا أخذ به ، وأقرب إلى اللَّه تعالى مما خلق من اللِّباسِ والرِّيَاشِ الذي يتجمَّلُ به . وأُضيف اللِّبَاسُ إلى التَّقْوَى ، كما أُضيف إلى الجُوعِ في قوله : { فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع } [ النحل : 112 ] .
وقوله : { ذلك مِنْ آيَاتِ الله } أي : الدَّالة على فضله ورحمته على عباده ، لعلهم يَذَّكَّرُونَ النِّعْمَةَ .