فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗا وَقَالَ هَٰذَا يَوۡمٌ عَصِيبٞ} (77)

{ ولما جاءت رسلنا لوطا } أي لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم وكان بين إبراهيم وقرية لوط أربعة فراسخ ، جاءوا إلى لوط فلما رآهم لوط وكانوا في صورة غلمان حسان مرد { سيء بهم } أي ساءه مجيئهم إليه يقال ساءه يسوؤه لأنهم جاءوه في صورة غلمان حسان مرد ، فظن أنهم أناس فخاف عليهم أن يقصدهم قومه فيعجز عن مدافعتهم .

{ وضاق بهم ذرعا } قال الأزهري الذرع يوضع موضع الطاقة ، وأصله أن البعير يذرع بيده في سيره على قدر سعة خطوة أي يبسطها فإذا حمل عليه أكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فجعل ضيق الذرع كناية عن قلة الوسع والطاقة وشدة الأمر .

وقيل هو من ذرعه القيء إذا غلبه وضاق عن حبسه ، والمعنى أنه ضاق صدره لما رأى الملائكة في تلك الصورة خوفا عليهم من قومه لما يعلم من فسقهم وارتكابهم لفاحشة اللواط ولم يجد مخلصا .

قال ابن عباس : ساء ظنا بقومه وضاق بأضيافه . وقيل ضاق بهم قلبا وصدرا ولا يعرف أصله ، ويقال ضاق فلان ذرعا بكذا إذا وقع في مكروه ولا يطيق الخروج منه { وقال هذا يوم عصيب } أي شديد كأنه قد عصب به الشر والبلاء أي شد به مأخوذ من العصابة التي يشد بها الرأس ويقال عصيب وعصيصب وعصوصب على التكثير أي يوم مكروه يجتمع فيه الشر ، ومنه عصبة وعصابة أي مجتمعو الكلمة ورجل معصوب أي مجتمع الخلق .