السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّـٰكِعِينَ} (43)

{ وأقيموا الصلاة } أي : الصلوات الخمس بمواقيتها وحدودها { وآتوا الزكاة } أي : أدوا زكاة أموالكم المفروضة . أمرهم بفروع الإسلام بعدما أمرهم بأصوله وفيه دليل على أنّ الكفار مخاطبون بها والزكاة مأخوذة من زكا الزرع إذا نما وكثر أو من الزكاة بمعنى الطهارة وكلا المعنيين موجود في الزكاة فإنّ إخراجها يستجلب بركة في المال ويثمر للنفس فضيلة الكرم ويطهر المال من الخبث والنفس من البخل { واركعوا مع الراكعين } أي : صلوا مع المصلين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جماعتهم فإنّ صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ أي : الفرد بسبع وعشرين لما فيها من تظاهر أي : تعاون النفوس ، وعبر عن الصلاة بالركوع احترازاً عن صلاة اليهود لأنّ صلاتهم لم يكن فيها ركوع أي : صلوا مع الذين في صلاتهم ركوع ، وقيل : الركوع الخضوع والانقياد لما يلزمهم الشارع ، قال الشاعر :

لا تذلّ الضعيف ( وروي لا تهين الفقير ) علك ( أي : لعلك )***

أن تركع يوماً والدهر قد رفعه***

فتركع من الركوع بمعنى الانحناء والميل وأراد به الانحطاط من الرتبة .

ونزل في علماء اليهود وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين سراً : اثبتوا على دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه حق ولا يتبعونه .