الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُواْ مَعَ ٱلرَّـٰكِعِينَ} (43)

قوله : { وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } هذه الجملةُ وما بعدَََهَا عطفٌ على الجملةِ قبلَها ، عطفَ أمراً على نَهْي . وأصلُ أَقيموا : " أَقْوِمُوا " فَفُعِل به ما فُعِلَ ب { يُقِيمُونَ } [ البقرة : 3 ] وقد تقدَّم ، وأصلُ آتُوا : اَأْتِيُوا بهمزتين مثل : أَكْرِموا ، فَقُلِبَتْ الثانيةُ ألفاً لسكونِها بعدَ همزةٍ مفتوحةٍ ، واسْتُثْقِلَتِ الضَّمةُ على الياءِ فحُذِفَتْ فالتقى ساكنان " الياءُ والواوُ ، فحُذِفَتِ الياءُ لأنها أَوَّلُ ، وحُرِّكَتِ التاءُ بحركتِها . وقيل : بل ضُمَّت تَبَعاً للواو ، كما ضُمَّ آخِرُ " اضْرِبُوا " ونحوِه ، ووزنه : أَفْعُوا بحذف اللام .

وألفُ " الزكاة " من واو لقولهم : زَكَوات ، وزَكا يَزْكُو ، وهي النُمُوُّ ، وقيل : الطهارةُ ، وقيل : أصلُها الثناءُ الجميلُ ومنه " زَكَّى القاضي الشهودَ " ، والزَّكا : [ الزوجُ ] صارَ زَوْجاً بزيادةِ فردٍ آخرَ عليه . والخَسا : الفَرْدُ : قال :

كانوا خَسَاً أوزَكاً من دون أربعةٍ *** لَمْ يَخْلُقوا وجُدودُ الناسِ تَعْتِلجُ

قوله : { مَعَ الرَّاكِعِينَ } منصوبٌ باركَعوا . والركوعُ : الطمأنينةُ والانحناءُ ، ومنه قوله :

أُخَبِّرُ أَخْبارَ القرونِ التي مَضَتْ *** أَدِبُّ كأِّني كُلَّما قُمْتُ راكِعُ

وقيل : الخضوعُ والذِّلَّة ، ومنه قولُ الشاعر :

422 *** لا تُهينَ الفقيرَ علَّكَ أَنْ تَرْ

كَعَ يوماً والدهرُ قَدْ رَفَعَهْ