السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلۡفِرَاقُ} (28)

{ وظن } أي : أيقن المحتضر لما لاح له من أنوار الآخرة ، وقيل : القائل من راق من أهله { أنه } أي : الشأن العظيم الذي هو فيه { الفراق } لما كان أي : فيه من محبوب العاجلة الذي هو الفراق الأعظم الذي لا فراق مثله ، ففي الخبر إن العبد ليعالج كرب الموت وسكراته وإن مفاصله ليسلم بعضها على بعض تقول : السلام عليك تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة ، وسمي اليقين هنا بالظن لأنّ الإنسان ما دامت روحه متعلقة ببدنه ، فإنه يطمع في الحياة لشدّة حبه لهذه الحياة العاجلة ولا ينقطع رجاؤه عنها ، أو أنّ المراد الظن الغالب إذ لا يحصل يقين الموت مع رجاء الحياة . وقيل : سماه بالظن تهكماً قال الرازي : وهذه الآية تدل على أن الروح جوهر قائم بنفسه باق بعد موت البدن لأنه تعالى سمى الموت فراقاً ، والفراق إنما يكون إذا كانت الروح باقية ، فإنّ الفراق والوصال صفة والصفة تستدعي وجود الموصوف .