{ علم الإنسان ما لم يعلم } فدل على كمال كرمه بأنه علَّم عباده ما لم يعلموه ، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم ، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيط بها إلا هو ، وما دونت العلوم ، ولا قيدت الحكم ، ولا ضبطت أخبار الأوّلين ومقالاتهم ، ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ، ولولا هي لما استقامت أمور الدين والدنيا ، ولو لم يكن على دقيق حكمة الله تعالى ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به . ولبعضهم في صفة القلم :
ورواقم رقش كمثل أراقم *** قطف الخطا نيالة أقصى المدى
سود القوائم ما يجدّ مسيرها *** إلا إذا لعبت بها بيض المدى
وقال قتادة : القلم نعمة من الله تعالى ، ولولا ذلك لم يقم دين ولم يصلح عيش ، فدل على كمال كرمه تعالى . وروى عبد الله بن عمر قال : «قلت : يا رسول الله أكتب ما أسمع منك من الحديث ؟ قال : نعم ، فاكتب ، فإنّ الله تعالى علم بالقلم » . ويروى أنّ سليمان عليه السلام سأل عفريتاً عن الكلام فقال : ريح لا يبقى ، فقال : فما قيده ؟ قال : الكتابة . وعن عمر قال : خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ، ثم قال تعالى لسائر الحيوان : كن فكان ، وهي القلم والعرش وجنة عدن وآدم عليه السلام .
وفيمن علم بالقلم ثلاثة أقوال :
أحدها : قال كعب : أوّل من كتب بالقلم آدم عليه الصلاة والسلام .
ثانيها : قال الضحاك : إدريس عليه السلام .
ثالثها : أنه جميع من كتب بالقلم ؛ لأنه ما علم إلا بتعليم الله تعالى .
وقال القرطبي : الأقلام ثلاثة في الأصل :
القلم الأوّل : الذي خلقه الله تعالى بيده ، وأمره أن يكتب في اللوح المحفوظ .
والثاني : قلم الملائكة الذي يكتبون به المقادير والكوائن .
والثالث : أقلام الناس يكتبون بها كلامهم ، ويصلون بها إلى مآربهم .
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تسكنوا نساءكم الغرف ولا تعلموهنّ الكتابة » . قال بعض العلماء : وإنما حذرهم صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، لأنّ في إسكانهنّ الغرف تطلعاً إلى الرجال ، وليس في ذلك تحصين لهنّ ولا تستر ، وذلك أنهنّ لا يملكن أنفسهنّ حين يشرفن على الرجال فتحدث الفتنة فحذر من ذلك ، وكذلك تعليم الكتابة ربما كان سبباً للفتنة ؛ لأنها قد تكتب لمن تهوى ، والكتابة عين من العيون بها يبصر الشاهد الغائب ، والخط إشارة اليد ، وفيها تعبير عن الضمير بما لا ينطق به اللسان ، فهي أبلغ من اللسان ، فأحب صلى الله عليه وسلم أن يقطع عن المرأة أسباب الفتنة تحصيناً لها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.